الصراع بين الأفراد والجماعات يوجد نتيجة، للرغبة في السيطرة على شيء ما، الأرض أو ثروة وقد تكون السيطرة على فكر الآخر، أو هي القدرة على فرض الرأي، والثقافة الخاصة على جماعة معينة، باللين أو القوة. الصراع الناشئ بين الكتاب في الدول العربية، صراع نابع من رغبات شخصية في تحطيم المفهوم الجديد للمعاصرة، قد تجد الكاتب يتعاطى المعاصرة، ويدخل في غيبوبة الحداثة ولكنه يجلد أبناء جنسه الذين يحاولون، تعاطي المعاصرة، خوفا من انتهاء اللذة التي يتعاطاها الكاتب، عندما يشن أحد الكتاب الحرب الفكرية على الآخر أمام المجتمع، يفقد المجتمع العربي حبرا جديدا، يدافع عن الهوية ويرسخ مفهوم الدين، وتتقطع الأوردة ويبدأ الدم العربي بالنزيف الداخلي، هنا يجب على المؤسسات الثقافية التدخل، لإيقاف مصدر النزيف، لأن معالجة الأعراض حل مؤقت، ولكن بتر مصدر الصراع الحل الأمثل حتى لا تتجلط الدماء، ويفقد المجتمع أحد كتابه. لم لا يترابط الكتاب، ويبنون صرحا قويا من النقد والإبداع، تتصافح الأيدي، وننسى حلقات الصراع، ونبدأ بالانشغال في الإنتاج الفكري، لا نجعل هذه الصراعات الداخلية تؤثر على إنتاجنا، فالمجتمع محتاج لكل هؤلاء الكتاب، باستثناء الكتاب الذين يتعمدون نشر أفكار سلبية، تهاجم الهوية والدين. «الغرب فاز بالعالم ليس بتفوق أفكاره أو قيمه أو ديانته، ولكن بتفوقه في تطبيق العنف المنظم. الغربيون غالبا ما ينسون تلك الحقيقة، إلا أن غير الغربيين لا ينسونها أبداً.» صأمويل فلبس هنتنجتون الأميركي أستاذ علوم سياسية اشتهر بتحليله للعلاقة بين العسكر والحكومة المدنية. عندما ندرك حقيقة العنف المنظم، والموجه نحونا، ندرك بأن هذه الصراعات الداخلية تجعل منا هدفا سهلا قريب المنال، لكن إن اتحدنا، فإننا نقدر على بناء الإنسانية، وتحطيم العنف المنظم، فلنوقف الحرب الباردة لكي لا تتجمد العقول، ويذبل الكاتب العربي، فيغيب المشاهد، وتغيب معه شمس التطور. من جانب آخر فإن هناك صراعا ايجابيا، يحرك الفنان نحو طرح الأفكار الجديدة، أثناء الصراع يعبر كل كاتب عن فكرة من زاوية محددة، تتحد الزوايا لتعطي في النهاية شبكة ثلاثية الأبعاد، وهذا ما تسعى إليه الدول المتقدمة، فهي تزرع لدى الكاتب حب المنافسة، والجرأة الإيجابية في التعبير، وهذه الدول المتقدمة تدرك الفرق بين الصراع الإيجابي والعنف المنظم، وهي تدرك أيضاً خطورة العنف المنظم، فتعمل على بتره والتخلص منه، بينما الصراع الإيجابي، فهي تحتضنه وتقدم له كل الدعم المادي والمعنوي. لا نجعل فارق العمر بين الكتاب، وسيلة للرفض، فكل جيل من الكتاب يمثل حلقة وصل مع الجيل الآخر، فالعقل المبدع لا يستخدم القلم فقط للكتابة، بل هو قادر على الضغط بقوة على زرار الآلة، أو حتى مداعبة شاشات العرض الجديدة، من أجل بناء لغة الكتابة وعرضها مباشرة للمتلقي. لا تندهش عندما يتحول الكتاب إلى أداة يستخدمها البقال لطي الخبز الذي يقدمه للمشتري، فلقد اكتفى بالكلمات الصارخة والموجة إلى ابنه المتعلم، والحالم بالتطور. هدى سعيد سيف | science_97@yahoo.com