عند كل اقتراب من الإعلان عن جائزة نوبل في الآداب، تزدهر سوق التوقعات، وتتسابق الدول والأفراد فى التخمين، وقد اتسعت هذه السوق في العالم العربي بعد أن حصل نجيب محفوظ على الجائزة سنة 1988. وكان هذا العام بداية ارتفاع سقف التوقعات العربية أصبحنا نسمع كل عام عن مرشحين جدد من العرب، وأذكر أنه في سنة 1988 ثار المرحوم يوسف إدريس ثورة عارمة لأن الجائزة ذهبت إلى نجيب دونه، ويبدو أنه كان على بعض الحق في ثورته، فقد نقل إليه البعض ممن كانوا يعملون في جامعة استكوهولم أن الجامعة قامت بترشيحه للَّجنة الخاصة بالجائزة، وأن هذه اللجنة أخذت الترشيح بعين الاعتبار، لكن الأخذ بعين الاعتبار لا يعني منح الجائزة، ورغم ذلك تزيدات توقعات يوسف إدريس، وزين له خياله إمكان الحصول عليها، ولذلك عندما ظهرت النتيجة كانت صدمة إدريس كبيرة، تضخمت مع حدَّة يوسف إدريس، فظهرت في شكل ردود أفعال انفعالية، غاضبة، مسّت مشاعر نجيب محفوظ الذي أظهر قدرا عاليا من ضبط النفس والتسامح. ومن يومها تخرج علينا الصحافة العربية باسم عربي كل عام. هذا العام كانت هناك توقعات مصرية بفوز علاء الأسواني، كما كانت هناك توقعات بفوز شباب السادس من أبريل بجائزة نوبل للسلام، ولكن نوبل للأدب ذهبت إلى شاعر سويدي، ونوبل للسلام ذهبت إلى ثلاث ناشطات سياسيات، واحدة منهن يمنية، وهكذا تبددت التوقعات المصرية. وقبل ذلك، كانت هناك توقعات عربية لبنانية خاصة بأدونيس، وتمنى كثيرون أن يكون هذا التوقع صحيحا، بينما هاجم آخرون أدونيس، ولكن لم يفد هجوم أو مدح، فقد ذهبت الجائزة إلى غير أدونيس. وقبل أدونيس أو بعده، لا أذكر، كانت هناك توقعات بأن تذهب الجائزة إلى محمود درويش، وأنا شخصيا كنت أتمنى ذلك وأتوقعه، فشعر محمود درويش قد وصل إلى درجة من العمق الانسانى لا نهاية لها، وما فتحه من الآفاق الشعرية الإنسانية يجعله في مصاف كبار شعراء العالم بالقطع. ولكن مع ذلك لم يفز محمود درويش، وحتى هذا العام، تركت الجائزة عالم الرواية الذي ظلت الجائزة تلازمه طويلا، واتجهت إلى الشعر، واختارت شاعرا سويديا كما لو أن الجائزة آثرت أبناء وطنها هذه المرة. ولكن هل يعني هذا انقطاع التوقعات العربية؟ أم أنها ستتوقف لوقت، ولكنها ستعود مرة أخرى مع اقتراب موعد إعلان الجائزة، وهي ظاهرة عربية دالة بدأت من بعد 1988 ولن تنتهي إلا بأن تتحقق التوقعات، ويفوز بها أديب عربي ومن يدري؟ ربما يحدث ذلك أقرب مما نتصور، فالعالم العربي مليء بأدباء كبار، كل منهم يستحق جائزة نوبل، لكن الأمر لا يخضع لأمانينا وحدها.