كنت في زيارة لإحدى مدارس الكبار، ولاحظت حجم الاهتمام والالتزام والحماس الذي تبديه الدارسات في صفوف الدراسة المسائية للكبار، خصوصاً من النساء الأكبر سناً اللاتي قد يكون من بينهن دارسات ربما تخطين الخمسين من العمر، واللاتي ربما يكون حماسهن أكبر من الأصغر سناً، ما شاء الله عليهن، ترى الاهتمام والالتزام والمشاركة، إنهن من المؤمنات بأنه ليس هناك عمر لطلب العلم، فوصية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم تقول “اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد”.. قد يكون فات هؤلاء النسوة قطار الدراسة في الصغر لأي سبب، وقد يكن اجبرن على ترك الدراسة لظروف خارجة عن إرادتهن لكن ها هن يلحقن بركب العلم، ويقررن إكمال دراستهن الآن، عندما سنحت لهن الظروف.. كانت ثمة فتيات اصغر سناً أيضاً بين الدارسات لا تعرف سبب عدم التحاقهن بصفوف الدراسة الصباحية، غير أنهن ربما الآن يدرسن عن اقتناع، وليس مثل كثير من الطلاب الذين يذهبون إلى المدرسة مجبرين.. كان أيضاً من بين الدارسات طالبة معاقة يبدو أن إعاقتها منعتها من الدراسة في الصغر.. دفعني الفضول للحديث معها، قالت إنها كمعظم الفتيات المعاقات قد يكون حرص العائلات عليهن، ومنعهن من الخروج والتعرض للخطر من قبل المجتمع الذي قد يحتوي على الخير والشر، فالفتاة ليست كالشاب، يجرحها الشيء البسيط خصوصاً عندما تكون معاقة، فلا تستطيع الدفاع عن نفسها من أي خطر أو أي مشكلة، ولذلك لا يتم دمج كثير من الفتيات المعاقات في المجتمع، ويحرمن من أشياء كثيرة، وبرغم حرص الآباء على بناتهم المعاقات غير أن تلك نظرة ناقصة.. فكون الفرد له احتياجات خاصة لا يعني ذلك انتقاصاً من حقوقه في العلم وفي ممارسة حياته بشكل طبيعي.. ذلك الحرص أو الخوف قد لا يجربه المعاقون الذكور على الرغم من أن المخاطر قد تكون واحدة..! إن عملية إدماج المعاقين في المجتمع قضية بالرغم من أنها تلقى اهتماماً ودعماً رسمياً غير أن بعض العائلات ممن يكون من بين أفرادها أصحاب إعاقات تجدهم لا يزالون لا يؤمنون بأبنائهم وبقدراتهم، ولذلك تجدهم يعاملونهم بطريقة تمنعهم من ممارسة حياتهم بصورة طبيعية، وربما زاد من تكريس ذلك العودة إلى الوراء بالعودة إلى إطلاق تسمية المعاقين على هذه الفئة التي كان اسمها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، لأن العودة إلى تلك التسمية يعني بعد كل تلك السنين أنهم مهما فعلوا، ومهما أثبتوا أنهم قادرون على الحياة بصورة طبيعية غير أنهم يبقون في خانة المعاقين.. bewaice@gmail.com