دائما ما يمد والدنا المعطاء صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، أيادي الكرم لنا، دائما ما تسعدنا مكرماته، ودائما ما تجعلنا نستبشر عطاءاته. هذه المرة كان العطاء رائعا إلى حد الدموع، مفرحا إلى حد البكاء، وطاهرا إلى حد ارتفاع الأيادي بالدعاء له مع سماع الخبر. مكرمة صندوق سداد قروض المواطنين، بدأت تتحول إلى واقع ملموس، وها هو الإعلان عن تسوية ديون ما يقارب 7000 مواطن يأتي ليغسل هم هؤلاء المتعثرين. لا أحد يعلم كم من البيوت انهارت بسبب الديون، وكم من الأسر تشتت بسبب المطالبات المالية، بعض المحظوظين استطاعوا تسوية أوضاعهم مع الدائنين، وظلوا مكبلين بالديون وإن ناموا في بيوتهم. آخرون لم يستطيعوا تخطي المسألة وظلت الديون تربط أياديهم عن التصرف، فتدخل القانون وكان مصيرهم السجن الذي جلسوا فيه بعيدا عن الأبناء والأسرة، مع مرتكبي الجرائم الجنائية، لا لذنب إلا تعثرهم المادي.مكرمة إنشاء صندوق سداد ديون المتعثرين، كانت طوق نجاة، والإعلان عن الدفعة الأولى من المستفيدين، جعل الكل يشعر بالفرح والأمل، خاصة مع وجود كثيرين تقيدهم الديون أيضا، ممن فتحت بحقهم بلاغات أولية ولم تصل للمحكمة لأنهم باعوا ما يملكون وتدينوا من الإخوة والأصدقاء لتجنب مطالبات البنوك في المحاكم. مثلهم أيضا من لديه التزامات مادية للناس والأشخاص، لجأ إليهم بعدما أثقلته البنوك بالفوائد وحاول أن يرسم لنفسه خط نجاة لم يوفق فيه، وكذلك من صدرت بحقهم أحكام سداد للناس بسبب الشيكات بلا رصيد.حالات الاستدانة في مجتمعنا كثيرة، وليست جميعها مرتبطة بالبنوك، وكلها بلا استثناء "خاصة تلك المقيدة بالشيكات عديمة الأرصدة"، تمثل هما وقهرا على النفس، وإيذاء للأسرة ونذيرا دائما بإمكانية تشتيتها. الأشخاص الذين تمت تسوية مديونياتهم، يجتاحهم الفرح، ويحاولون استيعاب أنهم سيعودون للاستقرار النفسي بعد فترة طويلة من التخبط بسبب هم وأرق الدين. مهما قلنا عن آثار الديون على الإنسان، سيبدو الأمر مبالغا فيه، لكن استطلاعا أجرته وكالة اسوشيتد برس لمعرفة المشاكل الصحية للديون أظهر نتائج مخيفة: 27 % من المديونين يعانون مشاكل الجهاز الهضمي، مقارنة مع 8 % من الذين لديهم مستويات منخفضة من التوتر الحياتي المعتاد.ويقاسي 44 % من الصداع بأنواعه، بينما تمكن القلق الشديد من 29% من المديونين، وقاسى 23% الاكتئاب الحاد، وتعرض 6% لنوبات قلبية. وكان أكثر من النصف، 51 ? ، يعانون التوتر في العضلات، بما في ذلك الألم في أسفل الظهر. كل هذه الأمراض النفسية ترتبط بالديون التي علينا أن نتجنبها قدر الإمكان، ولا يمكن إلا أن نسعد بالوطن الذي يمد يد العون لانتشال المديونين من كل الألم، ونتمنى من الصندوق أن يأخذ على عاتقه نشر الوعي بثقافة الادخار، وتجنب الديون لننعم جميعا بحياة أفضل.