الفن، رسالة ثقافية حضارية، تبعث بها الشعوب إلى حيث يسكن الوجدان الإنساني، والفن لغة الجسد التي تعبِّر عن حركة الداخل، وما يتناغم مع الطبيعة، من طير، وشجر، وبحر، ورمل. فن العيالة الذي توثقه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في كتاب شيق في مضمونه، أنيق في شكله، لبق في صورته، يعطي القارئ وبخاصة الأطفال من السابعة حتى الثانية عشرة، بعداً إنسانياً وفضاءً شاعرياً، ويفسح لهم المجال كي يحاكوا الطبيعة البشرية في داخلهم، بكلمة مغناة ملحنة حسب ما يتناسب مع سيمفونية النسائم الصحراوية الرقيقة. العيالة فن الاجتماع البشري في المناسبات الوطنية والاجتماعية، ليعطي مجالاً في الحوار الداخلي للفرد، والذي هو جزء من هذا الوجود، وعضو فاعل في بناء مكوناته الأساسية. وفي الإمارات يعبر فن العيالة عن المكانة الرفيعة لأبناء الإمارات، كونه يمثل جانباً مهماً وأصيلاً من التراث والتقاليد الفنية في الدولة. وارتقاء الفن في أي بلد يعني نقاء الوجدان، وقوة البصيرة، وبعد البصر نحو غايات الأفق البعيد، عندما تشاهد هذا الأداء الفني الراقي، تشعر أنك طائر يحلق فوق القمم الشم، يحدق في أبعاد المحيطات وترفرف أجنحته عند هامات النجوم الطوالع .. عندما تشاهد هذا الأداء الفني الإماراتي الأصيل تحس نبل الإنسان، وشفافيته، وحيويته، وحبه للحياة، وما المنجز الحضاري الذي نعيشه اليوم إلا نتيجة مباشرة لهذا الوجدان التاريخي الذي أسس لإنسان عربي إماراتي مرتبط بالرمل كارتباط النخلة بجذورها. في فن العيالة نحن أمام حالة بشرية، نقية مثل نبوع الماء في صحراء الإمارات، مثل ينوع الشجرة في السهول الخضراء، مثل يفوع الأحلام في عيون امرأة اختلجت بحب الأرض، فن العيالة الذي توثقه هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة هو فن الوجود، فن السرد الممدود، هو فن المشاعر بلا حدود، هو فن الحياة المطوق بالعقد المشدود، هو فن الكائن الراسخ في الأرض الذاهب إلى السماء بقلب مفنود. فن العيالة، الدرس في حصة المشاعر المفتوحة إلى الكون من غير حدود، أو سدود، أو أخدود، لأنها فن الاجتماع على كلمة يلحنها القلب، ويرتل حروفها عقل منضود بالسواء.. فن العيالة الذي نسجته هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، إنما هو شرشف الليالي السعيدة، ومعطف النهارات المجيدة في تاريخ امتد قرونا، يحصد أيام الناس بالثمار اليانعة، والقطوف اليافعة، والحب الذي لا نهاية له وبداية مع بدء التكوين. فن العيالة، الكتاب المرتل فنياً، المجلل بتغاريد الطير، وحفيف الشجر، ورغاء الإبل، وصهيل الجياد، وهديل الحمام، وعزف الماء، عند منحدرات الجبال الشامخة. فن العيالة جهد من جهود هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة التي دأبت منذ سنوات على توثيق إرث الإنسان ليبقى حاضراً مثل خيوط الشمس ماثلاً مثل موجة البحر، مجلجلاً مثل رعشة الأغصان عند شفاف الغيمة. فن العيالة، قاموسنا الغني، رصدته هيئة أبوظبي ليبقى في الذاكرة، مثل أحلام الأطفال الزاهية بالفرح. Ali.AbuAlReesh@alIttihad.ae