لأن الحوارات التي دارت بين المثقفين وعلماء الأزهر على قدر كبير من الأهمية بالنسبة للقضايا، التي ما زالت تشغل الناس سأعرض لنقطتين أثارهما كبار ممثلي الأزهر الشريف، حيث أشار الدكتور حسن الشافعي إلى أن مشروع الوثيقة يتضمن بالفعل بعض ما يطالب به الحضور في نصوص صريحة، ثم عرض لمشكلة مصطلح المدنية والخوف من التباسه بالعلمانية، فقال إنه قرأ دوائر المعارف المختلفة ووجد لها دلالات متعددة، فهناك العلمانية، التي تعني الفصل الدستوري أو القانوني بين المؤسسات الدينية وبين الدولة، أو الحكومة بالتحديد، وهذه أهون صيغ العلمانية، وأقربها إلى المعنى الفلسفي الأساس، وليس بينها وبين الفكر الإسلامي مشكلة كبيرة، وهذا الفصل الذي يعبر عنه الآن بالدولة المدنية، وإن كانت تلقى معارضة، فهي الدولة الديمقراطية البرلمانية، وهذا هو التطبيق الفعلي للمسلمين، ومسألة الدولة الدينية بعيدة جداً ولم تكن في تاريخ المسلمين، فالإسلام لا يسمح بقيام دولة دينية، هذا إذا فهمنا العلمانية بمعنى الفصل بين المؤسسات الدينية والحكومة. لكن هناك تطبيقات متعددة للعلمانية، مثل التطبيق الأتاتوركي، وقد بلغ به الأمر أن المسلم الذي يعلم أبناءه القرآن الكريم يؤخذ إلى السجن. وهناك التطبيق التركي الحالي للعلمانية، وبينه وبين الثاني بون شاسع، وهناك تطبيقات تؤدي إلى الفصل التام بين الدين والمجتمع بمعنى أن لا يكون للدين توجيه للحياة الاجتماعية، وهناك دول كثيرة خارج العالم الإسلامي شهدت هذا النوع من التطبيق، فلا تقولوا علمانية فقط، لأن هناك علمانيات، وبناء عليه لا داعي لأن نقول مدنية أو علمانية، فلنقل دولة ديمقراطية برلمانية حرة فهذا أنسب للغة الأزهر. ثم تناول الكلمة فضيلة الإمام الأكبر فقال إننا أنشأنا الرابطة العالمية لخريجي الأزهر وعقدنا عدة مؤتمرات، كان رابعها «الإمام أبوالحسن الأشعري» باعتبار أن منهج الأشعري هو منهج الأزهر، فقد استطاع بهذا المذهب أن يلم شعث المسلمين، وأنه المذهب الذي لا يجيز التكفير، وقاعدته الأولى: إننا لا نكفر أحداً من أهل القبلة، وقاعدته الثانية أنه لا يخرجك من الإسلام إلا جحد ما أدخلك فيه. (أي الشهادة) وعنده أن العبد إذا مات على المعصية فأمره مفوض إلى الله تعالى إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه، وهذا من التطبيقات العملية التي ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمة عليها. عقدنا هذا المؤتمر دعونا إليه بعض إخواننا من السعودية، لنتفاهم معهم في أن هذا المذهب هو المؤهل لقيادة الأمة الإسلامية إلى الوحدة بعد تفرقها وتمزقها، وأزمعنا على عقد مؤتمر خامس، وتوقعنا أن تحدث بيننا وبين الوهابية مصالحة، بسبب الضغط الوهابي الذي تغلغل في مصر، والأموال المتدفقة من الخليج. وللحديث بقية