كنت في الجمعية التعاونية ذلك المساء وبرغم الزحام المعتاد فقد كانت الأجواء هادئة وثمة موسيقى عذبة تنبعث من أجهزة الإذاعة الداخلية تبعد عنك ملل البحث عن احتياجاتك المعتادة بين البضائع المكدسة على الرفوف، وكان ثمة أطفال يمرحون ويتراكضون في الأروقة بين تلك الرفوف.. ضحكاتهم البريئة تتردد في المكان فتضفي أجواء من البهجة، الأمر الذي جعل طفلي يرغب في المشاركة في اللهو البريء غير أنه اكتفى كعادته بمراقبة المشهد من بعيد.. فجأة دوى صوت أوقف ضحكات طفلة وأخيها كانا أيضا يمرحان، نظرت إلى طفلي فرأيته مرعوباً ونظرت إلى مصدر الصوت فرأيت أباً تجرد من الشفقة والرحمة وهو يدك ظهر الطفلة بقبضة يده وهي تتألم بدون أن تصرخ ربما لأنها تعرف أن صراخها لن ينقذها من بطش أبيها وقسوته، ولم يكتف بذلك فلطم شقيقها الأصغر في وجهه الغض فهرعت إليه الطفلة تنقذه وتتلقى بقية اللكمات وتبعد أخيها من وجه الأب الشرس الذي شاهدني أتابع المشهد بذهول محتضنة ابني الذي تفاجأ بمشهد عنيف غريب لم يألفه.. الحقيقة لقد فاجأنا المشهد وقلب الأجواء الهادئة، صرخ ابني واضطررنا أن نغادر المكان خشية من الرجل العنيف الذي كان ينظر إلينا بعينين يتطاير منهما الشرر.. تمنيت لو أمسك بالرجل وأذيقه شيئاً مما فعله بطفليه غير أنني خفت منه وتركت له المكان وسط ذهول جميع من شاهد المنظر.. مثل هؤلاء تعودوا على ضرب أبنائهم لأن ذلك في اعتقادهم جزء من التربية وان ما يفعلونه يندرج تحت مفهوم الحرية الشخصية وان هؤلاء أبناءه يفعل بهم ما يشاء، وذلك غير صحيح أبداً لأن أحباب الله يستحقون الحب والعطف وليس العنف والكراهية. إن التربية لا ينبغي أبداً أن تكون بمثل هذا العنف الأبوي فلم يعد ذلك يجدي بل وقد تكون النتائج سلبية، سواء كان ذلك على مستقبل الطفل عندما يكبر أو على الناحية الجسدية والنفسية له، وكم سمعنا عن عاهات مستديمة تسبب بها آباء من غير قصد فقط لأنهم كانوا يقصدون تربية الأبناء.. طبعاً مثل هذا الأب سيمشي بعد قليل منفوشاً متكبراً يشعر بنشوة لأنه مارس حقه - حسب ظنه- في ضرب أبنائه دون أن يجرؤ أحد على القول إن ذلك خطأ جسيم، ودون أن يجد حتى من ينصحه بمعاملة أطفاله بالحسنى أو على الأقل أن يعاقبهم في المنزل وليس أمام الناس فيكسر شخصية أطفاله ويجعلهم لا يجرؤون على مواجهة الناس.. أمل المهيري | bewaice@gmail.com