في الثامن والعشرين من نوفمبر عام ألف وتسعمائة وسبعة عشر، زخرت منصة الخيرين بأوائل الخير، كان ذلك النهار يشرق بـ 46 شمساً من شموس الإمارات المضيئة، وقفوا جميعاً بين أيدي ذوي العزائم والكرم، مهيفين بأجنحة الفرح، مرفرفين بأعلام الفخر والنشيد الوطني، يحف نواحي القلب بأنامل تنيخ لها الشغاف، وتنحني لها النفوس الرهاف، ذاك يوم استثنائي، تلتقي فيه الأغصان الرطيبة، وتتسامق الأفنان، ويهفهف الدوح، جذلاناً، رياناً، منشداً لحن الخلود، وأبدية الأوطان السخية. في هذا اليوم، نهض النجم، وغنى القمر، وهدل الطير، ومال الشجر، وسالت أدمع السماء فرحاً، كان لقاء السحاب، كان الوعد المستجاب، كان حلم الإمارات يتهجى خطوات الرجال الأفذاذ، ويتلو أنفاسهم، ويرتل إشراقات وجوههم، وهم يمدون الأيدي بعزم لذوي العزم، وذلك تشجيعاً لمزيد من العطاء، من أجل الإمارات، ومن أجل إنسان الإمارات، ومن أجل أن تبقى الحياة هنا على هذه التضاريس، مورقة، متألقة برونق الحب ولون البحر، ولأجل أن تصبح الشجرة وارفة، مظللة، ثرية بالجمال والدلال والكمال، وفضيلة البقاء بلا عوز، ولا حاجة. في هذا اليوم، أصبحت المنصة ناصية للمعاني الرفيعة والشأن العظيم، وشرف الناس النجباء الذين تبوأوا المجد مكاناً وزماناً، صارت نواصيهم مذاهب ومواهب وسواكب ومناقب وكواكب ومناكب، وشهباً تخصب ترب الغيم، لتبدي السحابات ما جاش في أحشائها من عذوبة السماء. في هذا التكريم، هو تسطير لتاريخ وتاريخ لزمن، نحن هنا في هذا الوطن، مكرمون، لأننا نحمل اسم الإمارات وهويتها، تذكرة سفر من الدرجة الأولى إلى الوجود، إلى خلود البقاء الشريف، إلى شخصية إنسان إماراتي، أكرمته قيادته، فأكرمه العالم واحترمه، وقدره. نعم العالم لا يحترم الضعفاء، بل يستمع إلى طرقات الأخف الثقيلة، ونحن، وبفضل قيادتنا، نمشي خفافاً بحجم الجبال، وجلال المحيطات، نحن هكذا شاء لنا زايد الخير، طيب الله ثراه، وهكذا رسم لنا وأراد، فاقتفت القيادة الرشيدة الأثر الطيب، وهكذا صرنا بين الأمم، تميزنا أخلاق زايد، وترفعنا قيم عيال زايد، ونمضي في الحياة مكللين بتيجان وأوسمة، مفادها النجاح والفوز بالانتماء لوطن، أثبت أنه المحيط، والآخرون قوارب تحيطه، كما يطوقها بالحب والوفاء لأجل أن تبقى الحياة مثمرة، ولأجل أن تعيش الطيور آمنة مستقرة في أعشاش الطمأنينة. في يوم التكريم، كان الخير يتمشى على صفحات الأيدي الكريمة، وكان العطاء، مثل غزالة برية ترعى عشب الفرح.