سبعة مواطنين يذهبون في غمضة عين إثر حادث أليم، بالأسرة المنكوبة، ولا اعتراض على قضاء الله وقدره، ولكن مثل هذه الحوادث المفزعة لا تنتج إلا لأسباب تكون ليد البشر علاقة فيها بشكل مباشر أو غير مباشر.. رؤية السيارتين المطحونتين، واللتين لم يتبق منهما شيء سوى عظام نخرة، وتناثرت وتبعثرت، ليدل هذا الحطام على أن السرعة كانت حاضرة في ساعة مرور السيارتين في نفس الطريق، لذلك لا يسعنا إلا أن نقول رحم الله المتوفين وأسكنهم فسيح جناته، ونطالب بشدة كل الذين يخاطرون بأنفسهم وبأطفالهم أن يتوخوا الحذر، وأن يأخذوا بالحيطة، وبخاصة الذين يذهبون إلى أماكن لا يعرفون تضاريسها، ثم نؤكد أن السرعة الفائقة طريق الهلاك، فلا تفجعوا أهلكم، ولا تفقدوا هذا الوطن أعز ما لديه، وأهم ما يملك، فنحن لم نزل في لهفتنا للطفل الذي تاه عن ذويه بين جبال صلالة بسبب غفلة من الأسرة، حتى نفاجأ بالخبر الجلل الذي زلزل وجلجل وجلل مشاعرنا بالحزن والأسى، لهذه الوفاة الكارثية التي هزت المضاجع وحركت المواجع، وأرعبت وأفزعت، ولا يملك الإنسان إلا أن يترحم على الموتى، ويطلب من الأحياء أن لا يغامروا ويضحوا بأرواحهم في سبيل نزهة أو زيارات لا تستحق أن تهدر من أجلها قطرة دم، ولا أن تذرف لها دمعة من عين ثكلى أو أرملة، فالحياة عزيزة، وإن شئتم أن تسيحوا في رحاب الأرض، فالسير على الأرض بالهون والتريث أمر واجب، تفرضه الأخلاق والدين وقيمة الحياة.. حياتكم التي ترخصونها غالية على هذا الوطن، وحياتكم التي تفدونها من أجل رغبات لحظية تستحق منكم أن تفكروا من أجلها وأن لا تسوطوها سوط عذاب.
في حقيقة الأمر، ما يجري في الشوارع شيء من الانتحار، وشكل من أشكال الموت المجاني، ولذلك نقول أنتم يا أبناء الوطن تعيشون على أرض حباها الله بكل خير ونعمة، فعيشوا حياتكم بدون تبذير وسوء تدبير، واهنأوا في حياتكم بطرق السبل التي لا تعرضكم للخطر، ولا تفقدكم أبناءكم وأهلكم، فسيروا على أديم الأرض بكل أناة وتؤدة، واخطبوا ود الحياة بكل شوق ومحبة، لأن الحياة جميلة وتستحق من يحافظ عليها ولا يدعها فريسة هذا الحديد، والوطن، هذا الوطن بحاجة إليكم وإلى صحتكم وعافيتكم لتكونوا العضد والسند والساعد الواعد، تجتهدون وتبدعون وتثابرون وتعملون بكل جد وإخلاص لأجل نهضته وعزته وفرحته وفخره وفخامته، من أجل وطن لا يبكي أبداً على فقدان، بل يبتسم بازدهار الحلم ورقة الأغصان.. من أجل وطن حلمه أنتم، وأنتم بريقه وريقه.


marafea@emi.ae