في صلاة عيد الفطر وقبلها صلوات في سنوات سابقة، صلى الناس في مصلى في رأس الخيمة وفي معيريض بالذات على بساط من الرمل الحارق، وتحت سقف سماء ملتهبة، والأجساد تسبح في بحار من العرق، والأنفاس تتضارب شاهقة مرهقة ترجو من الله أن يصلح حال هذا المصلى، وأن يصير إلى غير هذا الحال، لأن لمصلى العيد أسبابه التي تفرض أن يكون على غير هذا الوضع المأساوي، فالناس يأتون إلى المصلى في صباح يوم عيد، ومع إشراقة هذا اليوم تشرق الوجوه بابتسامة فرح، وتنبعث من الصدور رائحة سعادة منَّ الله بها على عباده، ليلتقوا منكباً بمنكب يرفلون بالبهجة والسرور، فكان من الواجب أن يهيأ المكان الذين سيلتقون فيه ويخشعون ويركعون وأن لا يصير التراب الأغبر سجادة جباههم وأن لا يصير الحصى الوفاز ملتقى ركبهم.
يوم أو صباح كان ينبغي أن يكون مؤثثاً بالراحة وأن يكون مشهداً من مشاهد الإسلام الحضاري الذي علم الناس أجمعين معنى اللباقة واللياقة والأناقة والرشاقة وحسن المظهر وجمال المعشر.. ولكن أن ينتهي الناس من صلاة العيد، وهم ينفضون الرمل عن جباههم ويكنسون العرق من أجسادهم، فهذا لا يليق لا بالمناسبة ولا بما أراد الناس أن يظهروا عليه في هذا اليوم المبارك. وأتصور وأنا على يقين أن تهيئة مكان المصلى بما يليق لا يحتاج إلى تكاليف مادية باهظة يعجز عنها من يهمه الأمر، ومن فضائل أهل البلد في الشهر الكريم، وتضافرهم في فعل الخير يشعر أن إصلاح ذات البين في هذا المصلى أمر سهل، على الجميع سواء من مواطنين قادرين أو حكومة محلية، المهم أن تتوافر الرغبة وأن تتهيأ المشاعر الحقيقية لتحقيق كل ما يسعد الإنسان ويعلي شأن ما يحبه ويقدسه.. المهم أن لا نظل دائماً نبكي على اللبن المسكوب دون أن نحرك ساكناً، لمنع الانسكاب هدراً ولا مبرر.. يجب أن نفكر في المقبل من الأيام وأن نعِد الحاضر بأن المستقبل سيكون أكثر إشراقاً وأن مصلى العيد في العام المقبل لن يكون كما هو في العام الحالي.
يجب أن نتحدى أنفسنا وأن نتصالح مع واقعنا بواقعية وأن مصلى العيد الجديد سيكون بلا سباحة في بحر عرق متوحش، وبلا تراب يلتصق بالجباه كوسام أثري من زمن الدولة العباسية، ولا روائح كريهة تنفثها أجساد هزها هزيز اللهب وتراكم الأديم على السديم.
هذه أمنيات نطلقها ولولا الأماني لما طار طير في وعورة الصحراء، ولولا الأمل لما سأل عليل القلب عن دواء للشفاء.. نتمنى ونحن في بلد حقق الأمنيات العظام وتجاوز حدود المعضلات الجسام، وتنادى في حضرة تميزه الأنام واستحق أن يكون البلد الأول في كل مقام وله في المواقف الخالدة مقامات وقوام.. نتمنى أن يأتي عيد فطر جديد ومصلى عيد بحلة جديدة تمنع طوفان العرق، وتحمي الجبان من الرهق، وتعيد للعيد بهجته وسروره.. وكل عام والجميع بألف خير.


marafea@emi.ae