يعتبر القطاع المصرفي بالدولة، أحد أكثر القطاعات استفادة من المبادرات والإجراءات من جانب الحكومة، تلك المبادرات التي أظهرت مدى الحرص على توفير الحماية والأمان للمؤسسات المصرفية والبنوك الوطنية على وجه الخصوص، ورأيناها جلية حين تم تخصيص أكثر من 70 مليار درهم إبان الأزمة المالية العالمية، وتلك الظروف الصعبة التي عايشتها هذه المؤسسات المصرفية، وكانت النتيجة أن تخطت البنوك تلك الحقبة بأقل قدر من الصعوبات. ولأن جزاء الإحسان يجب أن يكون إحساناً، فقد كان منتظراً من البنوك أن تكون «أول المتعاونين» مع المبادرات النبيلة التي تطلقها الحكومة، فحين تم الإعلان عن خطة حكومية لمعالجة مشكلات أصحاب الديون المتعثرة من مواطني الدولة، وتم إطلاق صندوق لمعالجة هذه الديون، انطلاقاً من مبدأ حرص قيادة الدولة على معالجة أحد أبرز المشكلات التي تواجه الكثيرين من أبناء الدولة، كان من المفترض أن تكون بنوكنا بلا استثناء، سباقة في مد يد العون والمساهمة في معالجة هذه المشكلة، وبالتالي تحقيق الهدف الذي تسعى له الدولة بمؤسساتها المختلفة. ولكن المؤسف هو أن الكثير من المؤسسات المصرفية «الوطنية»، لم تكن متعاونة كما يجب، بل كانت مماطلة وربما «متهربة» من هذه المسؤولية، ويبدو أنه على الرغم من أن صندوق معالجة القروض المتعثرة قدم حلولاً جيدة أمام البنوك، فهي ستضمن جزءاً مهماً من قروض معرضة لأن تكون في خانة «الديون المعدومة»، لكن يبدو أن البنوك «غير المتعاونة» أصبحت تريد ما هو أكثر من ذلك، وكانت النتيجة عدم تعاون هذه البنوك مع الصندوق في إيجاد حلول لمشكلات المتعثرين. أعتقد أنه يجب على الإدارات التنفيذية للبنوك «غير المتعاونة» أن تدرك أهمية ما يقدمه لها صندوق معالجة القروض المتعثرة، فما ستحصل عليه عند التعاون مع الصندوق، يمثل ما يشبه بيع «بضاعة مضروبة» بسعر جيد، فما يقدمه الصندوق يعتبر مقابلاً جيداً ومناسباً للجميع، إلا إذا كانت بعض إدارات البنوك تسعى للزج بالمتعثرين وغير القادرين على سداد ديونهم في السجون، فذلك سيكون موضوعاً آخر. من الواضح أن التصريحات الأخيرة لمسؤولي الصندوق، وما قاله معالي أحمد جمعة الزعابي حول عدم تعاون البنوك مع الصندوق، والانتقادات التي وجهها لهذه البنوك، يؤكد حالة عدم الرضا عن أسلوب هذه البنوك في التعامل مع ملف الديون المتعثرة، وعلى المؤسسات المصرفية أن تدرك أهمية المرحلة المقبلة، فإذا ظلت مصرة على عدم التعاون وعدم المبادرة لمعالجة هذه المشكلة، فعليها ألا تستغرب إن وجدت نفسها في وضع آخر، وضع محرج قد يقلب الأمور، فنرى تلك البنوك نفسها مضطرة لطلب التعاون، ولكنها ستجد عندها شروطاً أكثر شدة وصرامة، وربما تدرك عندها أن الحصول على العروض الحالية، أصبح أشبه بالأحلام. hussain.alhamadi@admedia.ae