“اغرس قدميك في أرضك وسافر بعيونك في كل مكان”.. إلى أي مدى يمكن أن تتطابق هذه المقولة مع قرار الدكتور عبدالله الريس، مدير عام المركز الوطني للوثائق والبحوث، بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم، وبتوجيهات من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، القاضي بتشكيل لجنة متخصصة لإعداد منهج للتربية الوطنية يسهم في تعزيز الانتماء الوطني من خلال إعادة صياغة مادة التربية الوطنية لتتواكب مع المتغيرات والتحديات. قبل سنوات كانت التربية الوطنية مادة رئيسة حملت على عاتقها زرع الولاء لهذا الوطن الغالي في نفوس الطلبة منذ المرحلة الأولى من الدراسة حتى الجامعة. وأسهمت في ترسيخ بفكرة الاتحاد التي أطلقها وعمل على ترسيخها المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، باني الوطن ومؤسس دولة الاتحاد، والذي كان ينادي بالاهتمام بماضي الأجداد الذين أسهموا بأشعارهم وفنونهم ومواقفهم السياسية ونضالهم بالمحافظة عليها، كل هذا العمق التاريخي والاجتماعي بين الإمارات السبع قبل الاتحاد أسهم في انصهار سريع في بوتقة الاتحاد، ومن ينسى المقولة الخالدة للشيخ زايد “من ليس له ماض ليس له حاضر”. وعلى هذه الرؤية العبقرية قامت دولة الإمارات فأبهرت العالم بإنجازاتها. في السنوات الأخيرة الماضية تم إهمال مادة التربية الوطنية بفعل استراتيجيات وضعها خبراء لا ينتمون لواقعنا، وما زاد الطين بلة ارتفاع عدد المدارس الخاصة التي تدرس المناهج الأجنبية التي كان لها أثر كبير في إهمال مادتي التربية الوطنية واللغة العربية بعد تدافع الأهالي لتسجيل أبنائهم في هذه المدارس التي وصلت الكارثة فيها مرة إلى إلغاء السلام الوطني لولا تدخل وزارة التربية وإعادته. هناك استراتيجيات لا يمكن أن يأتي خبير من الخارج لوضعها، وتعتمد في الأساس على أبناء البلد لصياغتها لأنهم الأعرف والأجدر من غيرهم على وضعها، وقطاع التعليم يزخر بالكوادر القادرة على وضع استراتيجيات من واقعنا وبيئتنا وتراثنا. نعم هناك تطور مدهش حدث في العالم بفعل تطور وسائل التقنية والتكنولوجيا، وهناك انفتاح كبير بين مجتمعات العالم، حتى صار قرية صغيرة، لكن لا يمكن لنا أن ننطلق ونبدع دون الارتكاز على أساسيات عريقة منبثقة من مجتمعنا ومتوافقة مع تعاليم ديننا، وهناك أرض صلبة يقف عليها أبناء الإمارات لمواجهة كل المصاعب والتحديات الجديدة. الخطوة المباركة التي اتخذت في هذا الاتجاه من شأنها أن تعيد مادة التربية الوطنية إلى واجهة العملية التعليمية لتعود وتمارس الدور نفسه التي لعبته في بداية قيام دولة الاتحاد مع جيل جديد يكاد يتلمس خطواته الأولى في هذه الحياه شرط أن يكون للخبير المواطن في هذا المجال دور أساسي.