منظر طفايات المطافئ بالعلبة السوداء والحمراء ملتصقة بالجدران، يمكن أن يضيع طقس المكان وجمال الزينة والديكور، ويؤذي البصر والذائقة الإنسانية، فشكلها المستفز كلوحة بائسة وعطشى تعطي للردهات والممرات بشاعة قاسية، تفسد صبغ الجدران، فهل هناك من حلّ غير تعليقها في وجوهنا وفي وجه الجمال، ما أثقل موظف المطافئ حين يصر على أن تظهر للعيان، وتكون في كل مكان كعسكريين كسولين، بلا اعتداد ولا ثبات ولا هندام!
ـ بعض السيارات وخاصة السوداء أم ثماني “تواير” وثلاثة كشافات على قبتها، و”النيكل” يلمع، و”الرنكات” ما تعرف كيف تدور، يوم تشوفها في الشارع، تشعر بالروع، وكأنها عنكبوت أو عقرب عملاق يريد أن يهجم عليك، توحي لك بالعدوانية نحوها، وتشعرك بالدونيّة تجاهها، فتجزم أن سائقها من “المارينز” وأنه “وُلِد من أجل القتل” أو “من أجل حفنة دولارات” والوشوم “تارسه” الزند، وهذا سيره، مع “تي شيرت” لاصق، وبعد شوي ينزل واحد يشبه رابح صقر!
ـ لماذا نغضب حين نطلب شخصاً على نقاله، ونجده مقفلاً أو خارج نطاق الخدمة حالياً، وتطلب منا آلة التسجيل بلطف ودماثة خلق أن نحاول مرة ثانية، معظمنا لا بعضنا يغضب في الداخل، هذا إذا ما طرشنا لصاحب “الهاتف المغلق حالياً” مسبّة هذا كبرها، خاصة بعد محاولتين فاشلتين في الوصول إليه، وبعضنا يغير الوجهة والاتجاه بحيث يتصل ساعتها بشخص غيره عناداً، ويكلفه بالعمل، ولو كان هذا لا يحل محل الأول، ولا يمكن أن يخدم بالدرجة التي يجيدها الأول، بس هكذا.. ليش مسكر تيلفونه أو السبال سويتله مرتين ولا رد، منوه فاكر نفسه!
ـ ماذا يعني أن يسأل مرة رئيس جمهورية فرنسا عن جريدة ساخرة تسمى”لو كنار إنشينيه” اختفت فجأة من السوق؟ فيقال له: إنها تعاني من مشاكل تمويلية، فقال: أدعموها، فيقال له: ولكنها تتعرض لك ولكل السياسيين الفرنسيين وأوضاع البلاد بالسخرية، فقال: ولكنها تخدم فرنسا، ومرة تعثرت جريدة “لو موند” الشهيرة وكادت تتوقف لأمور مالية وخلافات سياسية، فقال رئيس الجمهورية: إن سقطت جريدة “لو موند” وضحينا برمز من رموز يومنا الفرنسي، فغداً قد نتخلى عن برج إيفل دون أن يرف لنا جفن أو نتساهل كثيراً في متحف اللوفر، ماذا يعني أن يساهم سكان فيلاديلفيا الأميركية بمنع بيع لوحة الفنان “توماس أيكنز” “العيادة الكبيرة”؟ وذلك من خلال حملة لجمع التبرعات لمنعها من مغادرة الأراضي الأميركية، ونجحوا في ذلك بجمع مئات ملايين الدولارات، لأن في نظرهم الدولارات تروح وتجيء، أما ذاك العمل الفني الرائع، فإن غادر مكانه، فلن يعود ثانية، لا أستطيع أن أقول إلا أنه وعي الشعوب، وقيمة الأشياء الوطنية ولو كانت حتى صغيرة!
amood8@yahoo.com