بما أنه اليوم الأخير في العام، فسيكون من العرفان الجميل أن أختمه بشكر خاص لأمر جعل من عامي المنقضي أجمل وأكثر رونقاً وخفة؛ إنها ضحكات الصديقات، خاصة الرائعات اللاتي وهبنني دروساً في حب الحياة. صديقاتي الحقيقيات اللاتي جعلن من قسوة الأشياء مدعاة للتندر ومن آلام الجسد فرصة للتطهر، ومن غياب الأحبة دعوة لاستذكار الفرح المنسي. صديقاتي الجميلات اللاتي وددت أن أكتب عنكن صفحات وصفحات لأخبر العالم أن كل جميل من دون مشاركتكن ينتهي بسرعة، وكل صعب من دون مؤازرتكن يصبح أقسى. صديقاتي.. سأبقى ممنونة لكنّ ما حييت. على عكس ما يُعتقد في أن دوائر الأصدقاء الجماعية وما فيها من حماس واندفاع هي سمات اجتماعية لفئات عمرية معينة، عادة تكون غير ناضجة، وفي مقتبل العمر، على عكس ذلك، تؤكد الحقائق الاجتماعية أن هذا النوع بالذات له مقدرة كبيرة على رفع المعنويات وإثارة الحماس ورفع درجة البهجة إلى مستويات لا يملك الإنسان قدرة على تحقيقها وحده، خصوصاً كلما كبرنا في العمر، وندرت مؤثرات الدهشة حولنا. الصداقات الجماعية مهمة للتغلب على أعراض المرض وحالات القلق والتوتر وتسريع التعافي والشفاء، كما أنها تحفز صحة الدماغ كلما تقدمنا في العمر.. وهذه الأخيرة حقيقة مثبتة في دراسة علمية أجرتها جامعة هارفرد. ورغم حقيقة الصداقات الجماعية التي لو التفتنا إليها جيداً لتلمسنا جدواها، لم يحظ هذا النوع من العلاقات بمكانة مميزة في أدبيات التربية لدينا؛ فعادة ما يشار إلى دور الصداقة في حياة الإنسان من مفهوم الصديق الواحد «فقط»، وكأن تعدد الصداقات مظهر غير صحي ودلالة عدم نضوج، فيما الحقيقة أن قدرة الفرد على تكوين دوائر علاقات مع مجموعات، أكبر دليل على قدراته العالية في التواصل الناضج، سيما وأن هذا النوع يتطلب توازناً ووعياً مختلفاً ومنفتحاً، واستعداداً جميلاً للعطاء والأخذ بشكل صحي أكثر. وكما لحالات العزلة قدسية خاصة وحاجة لا غنى لي عنها، كذلك لجرعات الضحك الذي يخرج من قلوبهن وتآزرهن العاطفي وعفوية حضورهن، أمر لن أقبل أيامي القادمة من دونه. أعلم تماماً عزيزي القارئ أن ما أخبر به عن ضحكات الأصدقاء سيلامس شيئاً في خاطرك؛ وإنْ لم يكن، فلعله قبس قد يفيدك بشكل مختلف لجعل عامك المقبل أجمل.. عام سعيد مملوء بضحكات كل من تحبون.