مثل مباراة العين وويلنجتون النيوزيلندي في افتتاح كأس العالم أمس، تكتب مرتين، وثلاثاً ربما، قبل أن يكتبها الزعيم على طريقته.. هذا ما حدث معي على الأقل، ومع كثير من الرفاق حادثوني بعد الشوط الأول، مدفوعين بالسخط والغضب، قبل أن يتحول كل ذلك إلى برد وسلام على مدار الشوط الثاني، الذي فعل فيه «الزعيم» كل ما يريد، وأنهى المباراة كما يريد، وتأهل للمواجهة التالية في مونديال الأندية، والتي يواجه فيها الترجي التونسي.
ربما كان طبيعياً أن يحدث ما يحدث، فالمحفل غريب وجديد، والبساط مختلف، وويلنجتون على الرغم من أنه جاءنا من قارة بعيدة، يأتينا من يأتي منها بحكم الموقع بعيداً عن الفنيات، إلا أنه كان مجهولاً، وأكدت المباراة أنه مجهول بالفعل، فقد أدى الشوط الأول بانضباط بالغ، وحماس منقطع النظير، وفاجأ العين بهدف وصل إلى ثلاثية، قبل أن يفيق العين قبل نهاية الشوط الأول ويحرز هدفاً، ويتأهب لرحلة الشوط الثاني، التي كانت عيناوية من البداية إلى النهاية، ولو امتد الشوط دقائق معدودة، لما احتاجت المباراة إلى وقتها الإضافي وضربات الترجيح، التي دانت للبنفسج، وكافأت جماهيره، التي أضاءت استاد هزاع بن زايد بقرابة 15 ألف متفرج زفوا العين إلى محطته التالية.
منذ 2006 لم تغب أندية نيوزيلندا عن البطولة باستثناء مرة واحدة، وهذا في حد ذاته يمنح أندية هذه القارة خبرات يتوارثونها ويمررها كل ناد إلى الآخر، فسواء أتانا أوكلاند سيتي أو ويلنجتون، هما واحد، وقد كان العين بحاجة إلى بعض الوقت ليستكشف منافسه لكنه لم يحصل على ذلك، لا قبل المباراة ولا أثناءها، على عكس المنافس النيوزيلندي، الذي أتانا مبكراً وتعرف على الزعيم بما فيه الكفاية.
ظهر الزعيم بصورة مختلفة تماماً في الشوط الثاني، وغير من أسلوبه وطريقة اللعب، وتحلى لاعبوه بالانضباط والتركيز، وكانت التبديلات مؤثرة والتمريرات متقنة، ووضح أن اللاعبين أدركوا ضرورة أن يعودوا، وفي المقابل انهار ويلنجتون بدنياً ووقع في أخطاء وظهرت المساحات في صفوفه، وظهرت الروح الحقيقية للاعبي العين.. تلك الروح التي لن تجدها حاضرة بهذا الشكل إلا في الزعيم، لأنه الحالة والفريق والجمهور والملعب.
قبل كل مباراة، لا سيما إن كانت لأحد أنديتنا في بطولة كبرى، نتذرع دوماً بالأمل.. نفتش في كتب التفاؤل عن كل مفردات الممكن والوارد والطبيعي.. نستدعي من التاريخ ما يخدمنا، لكننا في كل مرة، نجد لدى أنديتنا أو بعضها ما يشبه تاريخاً جديداً، كذلك الذي يكتبه العين على الدوام.. العين رائد الطريق أو هو الطريق.

كلمة أخيرة:
أحياناً تكون «العودة» أجمل ما في الانتصار.. هي دلالة على ما هو أكثر من الفوز