كانت أول مهمة خارجية لي في عملي ببلاط صاحبة الجلالة، تغطية كأس الخليج السادسة عشرة بالكويت عام 2003.. لا زلت أتذكر التفاصيل، فالأشياء التي تشكل الوجدان والذاكرة لا تغادرنا سريعاً.. ربما تبقى فينا بعد أن شكلتنا واحتلت بعضنا وصارت جزءاً منا.. لم أكن أتصور وقتها كل هذا الزخم.. جئت إلى الكويت أحمل في صدري فقط هتافات صبية الحي، وأصوات المعلقين، وبعض قراءات في الصحف، لكنني لم أكن أتصور أنها بهذا الزخم وهذا الحضور، وأنها عند أهلها توازي كأس العالم، وربما تسبقها. قرابة خمسة عشر عاماً مرت.. كم يمضي العمر سريعاً.. الآن نحن في خليجي 23، وفي الكويت أيضاً.. جئتها ولكن على غير حال المرة الأولى.. ليس لأننا اعتدنا، ولكن لأن البطولة باتت بالفعل بعض العمر، وربما تشكل أحلى وأروع ما فيه.. هي مزيج من ذكريات شتى معظمها جميل، فالفرصة لا تسنح كما فيها للقاء الأحبة من كل الخليج، وفيها كان ربما أجمل ما كتبنا. اليوم، نعود إلى وطن النهار بعد أن عاد هو إلى مسيرة الكرة العالمية لنشارك جماهيره فرحتها برفع الإيقاف عن الكرة الكويتية التي قضت قرابة عامين تعاني التجميد من قبل الاتحاد الدولي، وتكتمل الفرحة باستضافة الكويت للبطولة، فهي الأقرب إليها، وهي التي تربطها علاقة خاصة بكأس الخليج لا يشاركها فيها أحد، ويكفي أن المنتخب الكويتي يختال بعشر بطولات كاملة لكأس الخليج، جعلت الأزرق الفارس الأول، وجعلت الكويت أجمل وأحلى ما في البطولة. اليوم نعود إلى الكويت، وهي لم تغب عنا ولم نغب عنها، فهي حاضرة دوماً في الصدور.. نعود إليها في جولة جديدة للمنتخبات الخليجية التي جاءت تمني النفس بالعودة بلقب غال على كل أهل الخليج.. وعلى الرغم من أن الوقت كان ضيقاً أمام أهل الكويت للاستعداد للبطولة والخروج بها في أفضل صورة، إلا أنهم قادرون على النجاح في الرهان، بما يمتلكون من خبرات وتاريخ عريض وعطاء لا يتوقف. واليوم، يبدأ منتخبنا مشواره في البطولة بمواجهة المنتخب العُماني، ليذكرنا الأبيض بأول لقب حققه على أرضه وكان أمام «الأحمر».. ويذكرنا دوماً بأنه قادر ويستطيع.. يبدأ «الأبيض» المشوار تحت قيادة الإيطالي زاكيروني، في أول مهمة وطنية له، وهي المهمة التي ستحدد أشياء كثيرة.. ستحدد معالم الطريق والأمل وإلى أين قد تأخذنا الأمنيات. كلمة أخيرة: في وطن النهار.. لا لن تشغلنا سحابة سوداء تمر من هنا، ففضاء الخليج أرحب من أن تحجب شمسه زاوية مظلمة.