كثيرة هي القصائد التي مجدت الأبطال العرب على مر التاريخ، ونادرة هي الحوادث الفردية التي يصعد بها صانعها إلى السماء، لتظل نجماً سابحاً في ذاكرة الأوطان، وقليل من الناس الذين وهبهم الله الحضور الذهني والعزم القوي فيستغلون ذلك العطاء من رب السماء، الذكاء والفطنة والتروي والتأني ثم التوكل على الله وقوة العزيمة، لصنع المعجزات. وعندما يأتي ذكر تلك المواقف، فإنها تحضر مثل الضياء والنور والسناء. إن أجمل ما تقدمه الإمارات كأرض وإنسان، هو وحدتها في سيرها وعزمها وتقدمها وأمنها. وبالتأكيد يحضر أبناؤها الأبطال الذين يقدمون أرواحهم وحياتهم من أجل أن تظل راية الوطن خفاقة بعزة وكرامة. وحدهم جنودنا في الميدان، في البر والبحر والسماء، هم السد المنيع في عاديات الأيام.
والأكثر حضوراً وفخراً أولئك الأبطال الذين يسطرون أجمل المواقف ويرسمون دروب الخير والسلام لمستقبل أبناء الوطن وأبناء اليمن العزيز.
خط النار والعزم لا يقتحمه سوى الأبطال، وكم سطّر هؤلاء الأبناء من أحداث ومواقف شجاعة وقوية. وفي هذه التجربة الصعبة الطويلة، خرج رجال وبرزت عناصر رائدة، وأدت المهمات المطلوبة بعزيمة واقتدار. ولعل حادثة رائعة تقدم كنموذج لما وصل إليه أبناؤنا من إقدام وشجاعة في ساحة العطاء، إذ سطّر قبل أسابيع الطيار الضابط الإماراتي مرشد البلوشي، أبلغ أمثولة للشجاعة والفداء، عندما خاطر بنفسه وحكّم وعيه حينما أدرك أن هناك التباساً في ما جاء لتنفيذه، فغيّر مساره لينقذ إخوانه وأناساً كثيرين، وعاد إلى قاعدته بطلاً شجاعاً ونال على هذا الذكاء والفطنة تكريماً مستحقاً من رأس القيادة التي تقدّر الأبطال من الأبناء.
هذا البطل الطيار مرشد البلوشي يستحق أن نذكره، ونذكر معه أبناء الوطن، وهو مثال للأفراد الأذكياء المحبين والمخلصين لعملهم، يؤدون واجبهم بحضور ذهني وحب واجتهاد ومعرفة دقيقة، وليس مجرد تأدية واجب. هذا المثال لا ينبغي أن يكون فقط في الميدان العسكري وإنما في كل الميادين.
في قادم الأيام سوف يعود الأبناء من اليمن مظفرين فائزين وغانمين إن شاء الله، ونحن على يقين أن فرحة كبرى سوف تعم الوطن بعودتهم، وسوف يفرح بهم القائد والأسرة والأولاد والناس جميعاً. كم نحن فخورون بالنماذج الرائعة والجميلة من أبطال القوات المسلحة. سلاماً عظيماً للذين أصابعهم على الزناد.