من عاصر الوالد زايد رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته، وشاهد تضحياته مع إخوانه القادة المؤسسين، رحمهم الله جميعاً رحمة واسعة، في بناء الاتحاد، من قبائل متفرقة، وصحراء قاحلة، فلا عجب أن يعيش الوالد زايد في قلبه العمر كله، لا يفارقه، وتظل ذكراه العطرة حاضرة على الدوام لا تغيب.
لا عجب من عاصر رحلات الوالد زايد وتنقلاته بين دبي والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة للم الشمل، ووحدة الصف، وإقناع الجميع بالوحدة، وبضرورة كيان الوحدة، والتعاون وقيام الاتحاد الذي حلم به زايد وأراده واقعاً على أرض إمارات الخير والعطاء، لا عجب من عاصر كل تلك الأحداث، وهو مدرك لصعوبة المهمة التي كان يقوم بها الوالد والقائد المؤسس زايد، رحمه الله، أن يؤمن بأن لزايد نظرة ثاقبة، كان يرى من خلالها مستقبلاً مشرقاً لوطنه وأبناء شعبه، متحدياً كل النصائح والمشورات وآراء الخبراء بأن الاتحاد ضرب من الخيال، ومن الاستحالة قيام اتحاد بين الإمارات، التي لا تملك مقومات الكيان الجديد، فلا الظروف السياسية، ولا الجغرافية ولا الاقتصادية مهيأة لذلك، فكان الرهان على فشل حلم الاتحاد، وإن قام فإن استمراره لن يدوم أكثر من أيام معدودة، ولكن بإصرار وعزيمة الوالد زايد اللتين تسلح بهما وإقناع إخوانه القادة المؤسسين، استطاع الوالد زايد، ومعه أبناء الإمارات الأوفياء، ترجمة حلم الاتحاد إلى واقع، ننعم بخيره حتى اليوم.
لا عجب أن نحب الوالد زايد ونحن من شاهدنا المعجزات تتحقق بحلم وحكمة زايد، الذي حول الإمارات من صحراء قاحلة إلى واحة غناء، ومن إمارات لا أثر وصوت لها، إلى كيان اتحادي عملاق يحسب له العالم اليوم ألف حساب، وينافس كبريات الدول في المجالات والحقول كافة، فنحن شهود على الجهد الكبير والعطاء والسهر والتضحيات التي بذلها الوالد زايد، وتلمسنا حبه الكبير لنا ولكل العالم، فكانت يده الخيرة البيضاء ممدودة للبعيد قبل القريب، دون مَنٍّ، فعطاؤه تخطى كل الآفاق والحدود، وعرفه العالم بعطائه فكان نصيراً للضعفاء.
أما أن يتعلق بالأب الحنون العطوف من لم يره، ولم يعاصره، فذلك العجب العجاب، ابنتي لم تكمل الخامسة من عمرها بعد، لم تعاصر ولم تشاهد الوالد زايد، لكن حبه يسكن سويداء قلبها، لا يمكن أن تمر على صورة له إلا وتقول بابا زايد الله يرحمه، إذا أرادت أن تكتب أول ما تكتب بابا زايد، تحرص على أن تبقى صورته في غرفتها وإلى جوارها، فمن زرع هذا الحب في قلب تلك الطفلة؟ إنه حب الله، فعن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إذا أحب الله تعالى العبد، نادى جبريل، إن الله تعالى يحب فلاناً، فأحببه، فيحبه جبريل، فينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض.


m.eisa@alittihad.ae