من المهم، ونحن نتهيأ للاحتفال باليوم الوطني الـ 47، أن نواصل الحوار في «دور التعليم في ترسيخ الولاء والانتماء الوطني»، وهذا عنوان جلسة حوارية، دعت إليها الأمانة العامة لجائزة خليفة التربوية، أمس، وشاركت فيها، إلى جانب خبراء واختصاصيين، فجميعنا يعرف الأثر الذي حفرته قيادتنا عميقاً في مسيرتنا التنموية، بفضل رعايتها المنظومة التعليمية، ووضعها في مصاف الأنظمة المتطورة عالمياً.
السؤال هنا، كيف يستطيع التعليم تحقيق الغاية الوطنية الأساسية في ترسيخ قيم وثقافة وروح الولاء والانتماء الوطني، من خلال مناهجه التعليمية، ومساهمته الأساسية في بناء شخصية المواطن الإيجابي القادر على النهوض بالدور المنتظر منه في بناء نفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه؟.
لحسن التدبير، فإن نظامنا التربوي لا ينتمي إلى المدرسة التلقينية، القائمة على حشو المعلومات والأفكار في أدمغة الطلبة، والتي تنتج جيلاً يفتقر إلى مهارات التساؤل والنقد والتحليل، ولنا الآن أن نراقب مخرجات العملية التعليمية عموماً، لنجد أجيالاً من العلماء والمبتكرين في الحقول كافة، وهؤلاء اكتشفوا أهمية الولاء الوطني من خلال ما وصلوا إليه، وعرفوا معنى القيادة بالنموذج، ومعنى الانتماء بالدافعية نحو مزيد من الإبداع، وذلك دون إملاءات أو برمجة ذهنية مباشرة.
فالمدرسة مؤسسة لتعليم الأجيال المعارف، وإكسابهم الخبرات والمهارات الضرورية، ولكنها أيضاً حاضنة للتنشئة الاجتماعية والوطنية، ولغرس قيم الولاء والانتماء، لدى الطلبة منذ الحلقات الدراسية الأولى، وعلى طول مراحل التكوين والدراسة اللاحقة، وتالياً، يعتبر النظام التعليمي حجر الأساس لأي مشروع تنموي وطني متطور.
لقد ذهبت الإمارات إلى أكثر النماذج ملاءمة لترسيخ قيم الولاء والانتماء لدى المتعلمين، بحيث تنبع قناعات الفرد من نفسه، فتعبّر عن أحلامه وأهدافه وتطلعاته، وتحقق له أيضاً ذاته الفردية، سعياً لتطابق هوية الفرد الخاصة مع الشخصية الوطنية الجامعة، وهذا بحد ذاته، كفيل بإطلاق المواهب والإبداعات، كما يحدث في بلادنا اليوم.
الجلسة الحوارية، تناولت كذلك دور الإعلام في هذا الصدد، وهذه حلقة تكميلية أخرى في بناء الشخصية الإماراتية، وتعتمد حتماً على المنجز في الحقل التعليمي، فالرهان على الدور التنويري للإعلام، لا يمكن أن يصيب أهدافه إلا حين تنجح منظومة التعليم في تشكيل وعي اجتماعي بأهمية الولاء والانتماء الوطني في تعظيم المنجزات، وتحقيق النهضة الوطنية الشاملة.
التعليم والإعلام يتكاملان بهذا المعنى، وحين يحفزان المجتمع على التفكير العلمي السليم، ضمن منظور تنويري، فهما يحققان مفهوم «الولاء والانتماء»، ويساهمان في إنتاج أجيال مبدعة، تستثمر كل المهارات والإمكانات في النماء والتقدم والازدهار، وهذه رؤية القيادة، وهذا هو هاجسها الأول.