تتحدى مثلما تفعل نملة، تصعد جذع شجرة لوز، رغم الريح، والتجريح، والتبريح، هي هكذا خلقت كي لا تجلس في الحضيض، وكي لا تقبل غير تحريض العقل للعقل، وولوج بؤرة الخطر من دون خوف ولا حذر، هي هكذا ذهبت بالقلب إلى مكمن الطموح، كي تقطف من ثمرات اللوز، ما يشفي، ويعافي، وما يزهر، ويبهر، هي هكذا جاءت إلى العالم بأجنحة التحليق، والرفرفة، هي إن أزفت الآزفة، تكون امرأة مجازفة، تكون في الذروة فراشة ووردة نايفة.
تتحدى، وتتصدى، وتكون في المدى، قطرة الندى، تكون في الوجود امتدادا ومدا، ومدادا ومدى.
هذه المرأة، حالة استثنائية، وفرادة جملة في القصيدة، وفي جزل العطاء تكون المرحلة ما بعد الفراغ، تكون انثيال المطر، ومد النهر، والبحر، وتكون سهر النجمة على وميض، يفيض بحب الدروب واسعة الخطوات، وتكون شهامة السحابة، ونخوة الأشجار السامقات، تكون صبوة الفجر، وخطوة الصباح باتجاه شروق، وعذوق تتدلى عناقيد، على صدر الأرض، من أجل بريق عيون، وانتشاء شجون، وتفتح أزهار أفئدة ما غفت ليلاً، ولا تقاعست نهاراً، إنها امرأة من ذاك الزمان، شكل مهجتها، وصاغ، أسور بهجتها من سلالة لا تمل، ولا تكل من ركوب المصاعب، وخوض غمار الحلم بأنامل تحفر في التراب مجد الأيام، وتنحت الأمثلة، والنماذج بأزاميل الفرح الوجودي.
هذه امرأة من عطر تاريخ، رسخ الفكرة، في أتون الأرض، كي تصبح نخلة فارعة، كي تصبح غزالة تغني للحب وتمرح في الصباحات، كي يبدو العشب، خصلات، تسحب شالها الأسود على كتف، ومتن وتثري الصحراء، بالندى والعرفان، ولا يشيخ لها وجدان، ولا تخبو لها أشجان.
هذه المرأة تتسرب في تجاويف المعرفة، مثل جدول نشوان على نغمات شلال أطربته أوتار المطر، هذه المرأة ليست عادية في سيرتها، وفي سيرورتها، هذه المرأة، ليست رتيبة في طوفانها وأطيافها، هي كذلك، فريدة، وعتيدة، وعنيدة، وتليدة، ومجيدة، هي هكذا تعلمت من الحياة كيف تبدو الأزهار يانعة، عندما تلمس حدودها حافة أجنحة الفراشات، وعندما تقف في وجه الريح، ممتلئة بالعطر، كي تبث العبق، من أكمام، وزمام، ولا تكف عن العطاء، لأنها مجبولة على الوفاء، والانتماء إلى الوجود، كما تنتمي الأحلام إلى العيون الحور.
هذه المرأة تطفو على ماء الحياة، مثل طائر يبحث عن نشوة الموجة، مثل مركب لامس حدود الغسق ولم يكف عن السفر.