يحدث كثيراً، أن والداً يطلب منك أن تساعده في البحث عن فرصة لعب لابنه «الخارق» و«الأسطوري»، بأحد أنديتنا الكبيرة، كتمهيد لاحترافه المؤكد في الريال أو برشلونة.. تحاول أن تقنع الأب بعد فشل الابن في اختبار مبدئي بنادٍ من أندية الدرجة الثانية أن الموهبة لها من يقيِّمها، وأن أحب شيء إلى قلب المدرب - أي مدرب - أن يجد لاعباً موهوباً، لكن الأب يثور، وقد يصل به الأمر حد مقاطعتك؛ لأنك لم تؤمن مثله بقدرات ابنه الفذة التي لا يراها سواه.
هكذا نحن أيضاً في التشجيع والانحياز لفريق أو للاعب.. حبنا الشيء يعمينا عن رؤية أي عيب فيه، ويصم آذاننا عن سماع أي انتقاد عنه.
نتطرف دائماً في انحيازنا ومحبتنا للنجوم، ونبني أحكامنا على العاطفة ليس إلا، فالنجم الذي نحبه ليس هناك سواه، ومن أجله لا مانع من أن نهيل التراب على البقية، ونتبارى في البحث عن أرقام تعزز وجهة نظرنا تجاه من نحب، وربما أرقام تؤكد سوء من نكره، فقط لأننا نكرهه. الكرة لا تقوم على لاعب بعينه، وميسي ورونالدو وغيرهما، دون من حولهم، لن يفعلوا شيئاً.. هم بارعون، لكن حولهم، وفي العالم كله هناك الكثير من الرائعين.. يكملون بعضهم بعضاً، ويرسمون لوحة الكرة الجميلة، التي تقوم على المشاركة والتعاون بين مجموعة من المواهب، تفرز في النهاية الهدف الذي أحرزه لاعب وصنعه له البقية.
الأفضل يختلف من لاعب إلى آخر، ولا يوجد لاعب يحتكر كل «ما هو أفضل»..لاعب سريع وآخر يجيد الالتحام، وثالث بارع في التحول من الهجوم إلى الدفاع والعكس، ورابع قناص، وخامس يطمئن حارس المرمى لمجرد وجوده.. وهكذا.. من دون واحد منهم قد تختلف الحسابات.. هم أنفسهم يعلمون أن سر قوتهم في وجودهم جميعاً، لكننا فقط من لا نرى إلا من نحب.. العاطفة تجعلنا أسوأ؛ لأنها تصل بنا أحياناً إلى درجة أننا نقلل من هذا لأجل ذاك، ونريد لاعباً بعينه نكاية في الآخر.. يحدث ذلك مع نجوم هنا، ويحدث حتى مع نجوم عالميين لا نعرفهم، وقد نشارك في استفتاءات ونلبس آراءنا ثوب الحياد، لكن الحقيقة يعرفها النجوم أنفسهم أكثر منا، لكننا الأسوأ.
ميسي وتشافي وإنيستا، كانوا يعرفون مثل جوارديولا حين كان يدربهم، أن سيرجيو بوسكتس أفضل مسترجع للكرات في العالم، وأن داني ألفيس ملك الناحية اليمنى حول العالم، وأن ماسكيرانو هو اللاعب المحوري، ورونالدو قبل أن يرحل عن الريال، كان يعلم أن ناتشو فيرنانديز هو «الجوكر الملكي» الذي يجيد اللعب في كل مراكز الدفاع، وأن لوكاس فاسكيز كان من عوامل الفوز بدوري أبطال أوروبا للعام الثالث على التوالي.. ما بالك وهؤلاء ليسوا من نجوم الصف الأول.. المعنى أن كل من خطا إلى البساط الأخضر «نجم»، فلا تحاول أن تجعل أحداً سيئاً.. مثلك.
كلمة أخيرة:
وحده السيئ.. من رأى الناس بعين هواه