14 عاماً وأنا أراقب ما يحدث في كواليس مهرجان دبي السينمائي الدولي، وما يقوم به فريق العمل الذي رسخ نجاحاته طيلة عقد ونصف. عملت معهم في الدورة الرابعة رئيساً لتحرير النشرة اليومية للمهرجان، وفي العام الفائت شاركت في لجنة تحكيم المهر الإماراتي. وكنت شاهداً على تطور منظومة العمل التي دفعت بالمهرجان ليحتل مكانة متقدمة من بين أفضل 10 مهرجانات سينمائية عالمية على الرغم من عمره القصير، وأن تكون دبي من خلال مهرجانها البوابة الرسمية المعتمدة دولياً لترشيح أفلام المنطقة إلى الأوسكار والمهرجانات الكبيرة الأخرى. وبعيداً عن الصبغة العالمية التي امتاز بها هذا المهرجان من ناحية حضور النجوم الكبار، ونسبة المشاركات والأفلام. إلا أن ما يثلج الصدر حقاً هو الدفع بالسينما الإماراتية والخليجية خطوات إلى الأمام في كل عام. وبفضله، لم يعد مستغرباً اليوم أن نرى أفلاماً روائية طويلة لشباب السينما الإماراتيين، ولن يطول الوقت حتى نرى هذه التجارب تحصد الجوائز بعد أن تجاوزت مرحلة الإشادة والتشجيع. دورة المهرجان هذا العام التي تحمل شعار (السينما تأتيك)، جاءت لتؤكد مجموعة من القيم التي تحققت، وكان أولها أن دولة الإمارات هي أرض التسامح والمحبة ومد الجسور الثقافية بين الشعوب، وكان هذا مضمون الكلمة الراقية التي ألقتها معالي د. نورة الكعبي وزير الثقافة وتنمية المعرفة في حفل الافتتاح. أيضاً فإن المهرجان ظل على الدوام يكرّم أصحاب الرؤى المنفتحة، ومن بينهم هذا العام السيناريست الكبير وحيد حامد الذي أشار في كلمته أثناء التكريم بأنه كان في جميع أعماله وأفلامه يدعو للتنوير ويحارب الظلاميين. وهذا دليل على أن المثقف والفنان هو الذي يستشعر خطر الظلام الفكري، وهو الذي يستطيع أن يواجهه بالكلمة والصورة والإبداع الحر. قيمة أخرى تحققت للمهرجان وللإمارات هذا العام بالإشادات التي صار يسجلها كبار نجوم السينما في العالم عن تطور المهرجان وارتفاع سمعته العالمية. واعتباره نموذجاً لنجاحات الدولة على المستوى الثقافي العالمي. هذا ما أكدته الممثلة الأسترالية كيت بلانشيت أثناء تكريمها في المهرجان، حيث اعتبرته الأفضل في منطقة الشرق الأوسط. وجاءت كلمات الممثل الهندي القدير عرفان خان والممثل السير باتريك ستيوارت من بعدها لتؤكد هذا المعنى أيضاً. إنها السينما بسحرها وجمالها الأخاذ، عندما تأتيك إلى دبي، عليك أن تذهب إليها.