في منتصف التسعينيات، حين بدأ الفريق «الأبيض» و«الأسود» يُثبت أقدامه في دوري الكبار، كنت أتساءل حينها لماذا يقاتلون حتى النهاية، ويقفون مثل «العظمة» في «البلعوم» أمام الفرق المنافسة على الألقاب، كان فريقاً ذا جماهيرية عادية جداً، خالياً من النجوم، ما عدا الراحل «فهد النويس»، فماذا يريدون! بدأت المواسم تمر والأيام تجري، ولم يكن أحد يتوقع أن هناك مشروعاً حقيقياً يُبنى في هذا النادي، بهدف اعتلاء القمة، وتسيد المقدمة، قرار إعادة اللاعب الأجنبي لملاعبنا، كشف لنا عن أن هذا المشروع قد بدأ، ولكن يبدو أنه صعب.. فليس من السهولة أن تتحول بين يوم وليلة من الهامش إلى القمة! بدأت الأكاديمية والمراحل السنية ومدارس تتحرك وتعمل ضمن هذا الهدف، وبدأت فكرة تشكيل شعبية وجماهيرية فعلية للنادي من خلال الأجيال الناشئة، الكيان بات يتغير بالفعل.. رئاسة النادي والنائب والهيكلة الإدارية والتنفيذية.. السياسة العامة، المنشآت.. التسويق والموارد المالية، والنجوم في الملعب.. ونوعية اللاعبين الأجانب.. والمدارس الفنية المتشابهة، هناك تغيير واضح بدأ يظهر في كل مكان.. الأمر أصبح أكثر جدية! أصبح الجزيرة ينافس على شيء.. ولكنه لا يفوز، ينتصر على الجميع، ولكنه لا زال غير قادر على حمل درع الدوري أو الكأس.. بدأت البوادر تظهر، وأصبح النادي يقدم لاعبيه من مراحله السنية وأكاديمياته، وبات يفرض طريقته الفنية، وأصبحت الفلسفة الإدارية لا تتغير حتى لو تبدّلت الأسماء، وحين جاء الفوز.. كان غير طبيعي، ثنائية تاريخية «دوري وكأس» لا يفعلها أي فريق.. كانت الفرحة عارمة، وكشفت لنا البطين ومشرف ومختلف مناطق أبوظبي عن مدى شعبية هذا النادي، فالمشاعر لا تصطنع! بعد هذه البطولة، اتضحت لنا أمور كثيرة.. فهناك أقطاب يقدمون الدعم من دون أن يظهروا في الصورة، والأكاديمية والمراحل السنية تعمل بلا توقف، أي أن المشروع مستمر! هذا النادي الذي كان قبل عشرين موسماً يبحث عن مكان بين الكبار محلياً، اليوم أصبح في دور الثمانية ببطولة كأس العالم للأندية، وعلى بُعد خطوة واحدة ليكون ضمن الأربعة الكبار على مستوى بطولة تجمع أبطال قارات العالم!.. هل لكم أن تتخيلوا؟ قد يتساءل البعض هل بالتخطيط والميزانيات واستقطاب النجوم والتعاقد مع كبار المدربين ستتحقق لك الإنجازات وترفع من قيمتك بين الأندية، بالتأكيد الإجابة لا، الجزيرة اختلف وتميز وصعد وبات عملاقاً لأن هناك روحاً خاصة داخل هذا النادي.. هناك حب غير عادي أراه في عيون الجزراوية، هناك مشروع اشترك فيه الجميع حتى أصغر مشجع كان من ضمنهم، فظهر لنا هذا الاسم الصعب! كلمة أخيرة الجزيرة اسم لم يأت من فراغ.. الجزيرة يعني أبوظبي.