بدأ العد التنازلي للمهلة الممنوحة لموظفي حكومة أبوظبي الساكنين خارج الإمارة، تمهيداً لنقل سكنهم لداخل المدينة بدلاً من تنقلهم اليومي من الإمارات الأخرى، وتكبد عناء ومشقة طريق، إلا أن البعض يضع مبررات لعدم الالتزام بالقرار، الذي يأتي في إطار حرص حكومة أبوظبي على ضمان سلامة موظفيها وتحقيقاً للاستقرار الاجتماعي لهم ولعائلاتهم. ولا شك أن القرار يأتي بعد دراسات معمقة حول الآثار التي تنتج عن بُعد المسافة بين مكان إقامة العاملين ومقار عملهم، ومن أبرز هذه الآثار ما يتعلق بسلامة الموظفين على الطرقات الخارجية وقيادتهم مركباتهم لفترات طويلة وفي أوقات مختلفة من العام تكون فيها الأجواء أحياناً غير مناسبة للسير في فترات الصباح الباكر أو فترات المساء. ووفقاً لإحصاءات عن دائرة نقل أبوظبي فإن عدد السيارات القادمة إلى إمارة أبوظبي في الفترة من السادسة وحتى التاسعة صباحاً تقدر بأكثر من 10 آلاف سيارة، وتظهر هذه الأرقام مدى الازدحام المروري الذي يواجهه مستخدمو الطرق المؤدية إلى الإمارة، ما قد يؤثر على سلامتهم جراء القيادة بسرعات عالية بسبب ارتباطهم بأوقات عمل محددة، خاصة أن عدد الموظفين العاملين في حكومة أبوظبي والذين يقطنون في إمارات أخرى يزيدون على 10 آلاف موظف. وبلا شك سيساهم القرار في زيادة الكفاءة الإنتاجية للموظفين، لأن بُعد مكان الإقامة عن مقر العمل يؤدي بشكل كبير إلى الإجهاد البدني والنفسي جراء القيادة لفترات طويلة، وما يترتب على ذلك من قلة معدل ساعات الراحة اليومية للموظفين، الأمر الذي ينعكس بشكل كبير على المردود العملي للموظفين، بجانب تأثيره المباشر على حياتهم الأسرية والاجتماعية نظراً لابتعادهم لساعات طويلة بشكل يومي عن عائلاتهم. وقد راعى القرار الظروف الخاصة للموظفين وحاجتهم لوقت كاف لترتيب أوضاعهم، إذ تم إمهالهم عاماً كاملاً قبل تطبيقه بشكل إلزامي، وذلك بحيث لا يكون للقرار أي آثار سلبية على الموظفين وعائلاتهم جراء نقل السكن خاصة فيما يتعلق بأبنائهم. وكالعادة كثير ممن ينطبق عليهم القرار ينتظرون اللحظة الأخيرة، حتى يجدوا لأنفسهم سكناً مناسباً يستطيعون أن يتقدموا به لدوائرهم، حيث لم يقوموا طوال الفترة الماضية بالعمل على تطبيق هذا القرار بما يتضمنه من مصلحة عامة للمجتمع. البعض منهم بدأ البحث عن مخرج له ليستثني نفسه من القرار، ولو أدركوا أهمية تطبيق القرار من جميع جوانبه لبادروا من الوهلة الأولى للبحث لهم عن مسكن ملائم داخل أبوظبي، خاصة أن سلامة الموظفين لها أولوية قصوى ينبغي وضعها دائماً في الحسبان. وعلى غرار قرار السكن أعتقد أن القرار ملائم أيضا لعلاوة «تعليم الأبناء» التي تمنحها بعض الجهات للموظفين والتي يستطيع الموظف أن يصرفها ويحصل عليها حتى وإن كان أبناؤه في بلده في الخارج، فلماذا لا يقتصر صرف هذه العلاوة على مدارس أبوظبي أيضا ليتم دعم القطاع التعليمي وخلق فرص استثمارية ناجحة في هذا المجال ؟ halkaabi@alittihad.ae