معضد مواطن متقدم في السن، ذهب بنفسه لإنجاز معاملة خاصة به في إحدى دوائر دبي عندما وجد نفسه تائهاً في القاعة الرئيسية لذلك المبنى، لا يدري من أين يبدأ الرحلة أو الأوراق المطلوبة لإنهاء ما جاء لأجله، عندما تقدم شاب حديث العهد بالوظيفة وأجلسه إلى جانبه مهدئاً من روعه، وتولى إنهاء المعاملة متنقلاً بين المكاتب، ليعود ويسلمها جاهزة للرجل الذي خرج من المكان مقُدراً ومثنياً على ما قام به تجاهه.
كان المواطن معضد في الواقعة التي تعود لأكثر من خمسة وعشرين عاماً سوى البدايات الأولى لبرنامج المتسوق السري الذي تبناه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لمتابعة أداء الدوائر والمؤسسات، وفي الوقت ذاته للتنقيب عن الرجال الأكفاء المؤهلين ممن يتسلحون بالعلم والرغبة والشغف لتطوير الأداء وخدمة المتعاملين من مواطنين ومقيمين على أكمل وجه لحمل المسؤولية.
كانت تلك الواقعة بداية رحلة الشاب الذي «فزع» لخدمة معضد وغيره من المراجعين في دروب التميز والارتقاء في مواقع المسؤولية والعمل الوطني، ولم يكن سوى معالي محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، الذي وقف متحدثاً الأربعاء الماضي أمام حضور المجلس العامر لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة عن «علم اتخاذ القرار: نموذج محمد بن راشد»، مستحضراً دروساً من مدرسة قائد فذ ملهم وضع بصماته الناصعة على مسار العمل الحكومي والتنموي، وقال عنه سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي إنه «رائد كبير من رواد التنمية، جعل الإلهام مدرسة، والإيجابية منهجاً في صناعة القرار».
المحاضرة التي حلقت بنا في فضاءات التجربة الثرية لأبي راشد ورؤاه تناولتها صحفنا المحلية بإسهاب في اليوم التالي لها، إلا أننا نؤكد على تجربة «معضد» والمتسوق السري التي أطلقت شرارة سباق برامج تميز الأداء الحكومي. كما أنها ضرورة للمضي بالتجربة حتى تكون خدمات مراكز إسعاد المتعاملين في دوائرنا ومؤسساتنا اسماً على مسمى، وبها نستطيع تنقية الأداء من المتقاعسين أو الذين يرمون بأخطائهم وعثراتهم على «السيستم»، غير مدركين أن الانتقال للأداء الذكي خيار وإرادة قيادة ارتفعت بالسقف ليطاول عنان الفضاء.