حب·· بلا فالنتاين!!
عرف الحب، قبل فالنتاين كما عرف بعده أيضاً، فالحب ''هالحرفين مش أكثر''، دائرة بدأ أبونا آدم مع أمنا حواء نقطة الرسم الأول في محيطها العظيم، لتتسع لكل الأفكار وأشكال التعبير والملهمات والعشق والفن والنحت والموسيقى والشعر والأغاني·
الحب دائرة كبيرة، تتسع للجميع، كما تتسع للأوطان، ويضم إليها أيضاً ''مطورو'' المحبة الجدد من عشاق فالنتين، وتجار الورد الأحمر، والاكسسوارات والهدايا المرتبطة بمناسبة عيد فالنتين للحب، وكأن الياسمين والقرنفل والريحان وغيرها لا تليق بالحب وأهله! طبعاً قد لا نذهب إلى ما ذهب إليه البعض من المتشددين من الدعوة إلى ''الجهاد'' ضد الورد الأحمر، ومنع استيراده وبيعه، لأنه مرتبط بمناسبة تعد من البدع، وتتبعها ممارسات تضر ببراءة الحب وعذريته وسموه·
ولكن في الوقت الذي نتفهم فيه تحويل المناسبة إلى فرصة لتجديد الحب بين زوجين بهدية رمزية بسيطة أو دعوة على العشاء أو كلاهما، لا نستطيع تفهم المبالغات التي يتسم بها سلوك كثير من الناس في مثل هذه المناسبات، ونثر النقوط تحت أقدام المطربين والمطربات في ''تحيات على البست''·
بعض الناس يفهمون الحب أنه ''شراكة من أول نظرة'' بين المحبين، وآخرون لا يأخذون من الحب إلا ما قتل!! والأسوأ أن ينظر بعض الناس إلى الحب باعتباره فقط معاشرة بين ذكر وأنثى، وليس عشرة محبة، وعشرة عمر، وعشرة أسرة، وأن الحب يتوزع عليها وعلى أفرادها بالحجم الذي يتسع له القلب·
ومن قبيل الزيادة للمستزيد نقول ما قاله عباس العقاد في ''قدرية الحب'': ''نحن لا نحب عندما نختار، ولا نختار عندما نحب''·
وبصورة أوضح يؤكد الفيلسوف ابن حزم في ''طوق الحمامة'' على عسرية مخاض الحب قائلاً: ''لا أومن بحب شخص إلا بعد ملازمته لي لفترة طويلة، لأن ما يدخل عسراً، لا يخرج يسراً''·
إنها قدرية الحب التي لا تعول كثيراً على اختيارك أو اختياري أو اختياره، وفي ذلك يقول الشاعر:
وإذا خشيت من الأمور مقدرا وفررت منه فنحوه تتوجه
وهذا لا ينفي حسن الاختيار، بل إن الاختيار ليس العنصر الوحيد في الموضوع، فهناك القدر أيضاً أو الصدفة أو الحظ، وتتعدد المسميات والحب واحد· هناك طبعاً حب المجانين أو العذريين أو الرومانسيين: مجنون ليلى وجميل بثينه وروميو وجولييت، وفلانتينو وعنترة وعبلة وعطيل وديدمونة وكثّير عزة، وأشكالهما في كل الحضارات والعصور يتواجدون ويتناسلون·
هناك الحب غير الواقعي أو غير المتزن أو غير المدروس'' مثل حب بعض الرؤساء والملوك والمشاهير، وإلا كيف يتخلى الملك ادوارد الثامن دوق وندسور عن العرش البريطاني من أجل عشيقته؟ وكيف يفضل تشارلز''عشيقته الحيزبون وزوجته الجديدة المصون'' كاميلا على زوجته الفاتنة الراحلة ديانا، وهي الأجمل والأبهى و''أم العيال'' بل كيف تفسر حب رئيس الوزراء اليوناني السابق اندرياس بابا اندريو في شيخوخته لفتاة في سن ابنته كانت مضيفة في الخطوط الجوية، وزواج بافاروتي من سكرتيرته التي تصغره بـ30 عاماً
''نيكوليتا مانتوفاني''·
أخيراً والحديث يطول لا بد من فض الاشتباك بين حب جديد وآخر قديم في حيات كثير منا حيث يغير كثيرون بوصلة قلوبهم باتجاه خط جديد لكن عليهم في هذه الحالة أن يقفزوا فوق قول الشاعر:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ما الحب إلا للحبيب الأول
عيد الحب·· فالنتاين·· بكل المقاييس أفضل من اللاحب، وأجمل من الكراهية، وأسمى من القتل·· ترى فالنتاين بيروت الجميل، كيف شكله اليوم؟ هل يتذكره اللبنانيون، أم يتذكروا اغتيال الحريري، وجنازة مغنية، والأبواب المفتوحة على الجحيم؟!