يطل الثاني من ديسمبر مجدداً، ناثراً أريجه الطيب فواحاً، باعثاً كل تلك اللحظات التاريخية الخالدة التي نستعيدها لدى ارتفاع راية الاتحاد لأول مرة في مثل هذا اليوم منذ ثمانية وأربعين عاماً خلت، ونستعيد معها مسيرة المجد والبذل والعطاء والفخر والاعتزاز بإرادة وتصميم المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه المؤسسين الذين آمنوا برؤيته بجمع الكلمة ووحدة الأرض لإنهاء سنوات العزلة والتشتت وبناء صرح الاتحاد والحياة الكريمة الجدير بها إنسان هذا الوطن.
تحدت إرادة أولئك القادة المخلصين كل الصعاب، صنعوا منها فرصاً ومحطات للانطلاق نحو آفاق أرحب وضعت معها الأساس المتين للصرح الشامخ الذي أصبحت عليه اليوم الإمارات، دولة صنعت لنفسها أنموذجاً ملهماً وتجربة متفردة في بناء الأوطان، ووضعت شعبها في صدارة أسعد شعوب العالم.
لم يكن ما تحقق نتاج ضربة حظ أو تراكم ثروات جادت بها بواطن الأرض من موارد، وإنما بفضل الله الذي جاد على هذا الوطن الغالي برجل حكيم امتلك الحكمة والرؤية الثاقبة والبصيرة السديدة. لقد امتلك زايد، رحمه الله، البوصلة السليمة التي قاد من خلالها مسيرة مباركة حصدت الخير العميم الذي فاض على الوطن وامتد ليشمل الأشقاء والأصدقاء. هذه النقطة الجوهرية «امتلاك البوصلة الصحيحة» هي التي يؤكد عليها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في توجيهاته لأجيال المستقبل.
الرؤية الاستشرافية للمستقبل أتاحت بناء دولة عصرية ذات مكانة مرموقة ووزن مؤثر في محيطها الإقليمي والعالمي، وأتاحت كذلك لأبنائها الاطمئنان بكل ثقة واعتداد للمستقبل في ظل قيادة رشيدة وضعت الإنسان والاستثمار فيه في صلب أولوياتها، بما حقق اليوم هذه الصفوة من الكوادر الإماراتية رفيعة التخصص عالية التأهيل في مجالات وميادين عدة. وما وصول أول رائد فضاء إماراتي وعربي لمحطة الفضاء الدولية، وأخرى إماراتية لتشغيل أول مشروع عربي للطاقة النووية، إلا أبسط الأدلة على ثمار تلك الرؤية الناجعة، وسلامة البوصلة التي نسترشد بها على خطى زايد في الرهان على الثروة البشرية والعلَم باعتباره ثروة لا تنضب وتدفعنا للاحتفال بتصدير آخر شحنة من النفط كما قال «أبو خالد».
الثاني من ديسمبر محطة يتجدد فيها عهد الولاء والانتماء بأن الراية ستظل خفاقة والمسيرة ستمضي زاهية حافلة بالخير والعطاء، بقيادة خليفة الخير وإخوانه الميامين..