في كل لغة أساسية ولهجة عامية ينبثق منها العنيف من الكلام المتمرد، ومثلما هناك الجميل المتبقي كما أشرنا سابقاً، هناك كلام خارج عن قانون طبيعة الإنسان إذا ما اعتقدنا أن بذور الخير لدى البشر أضعاف الشر.. لكن هناك كلاما تعاقب عليه جميع القوانين سواء الدنيوية أو السماوية وهو الكلام البذيء السيئ الذي لا يمت للخير بأي صلة، هذا الكلام لم يدرس ويحلل بالشكل الكامل فثمة تساؤلات ظلت باقية وتقول من يطلق كلام الشر الموجود في المتبقي؟ هل هي إفرازات المجتمع؟ هل هناك مواد معينة في الدماغ الإنسانية تصدر هذا الكلام لحظة الغضب فتصدرها إلى البرمجة العصبية للإنسان؟ في كتابه "عنف اللغة" مر لوسركل مرور الكرام على هذا الجانب من المتبقي في موضوع الشعر ونحن سنكتفي بالإشارة إليه في المقال حتى نعطي الفكرة حقها. أذكر صديقاً من ليبيا تزاملنا معاً في لعبة رياضية على مدار خمس سنوات هاجر إلى سويسرا فيما بعد كان يقول "إذا أردت أن تتعلم لغة أخرى غير لغتك العربية بصورة سريعة فأبدأ بتعلم الكلام البذيء منه أولاً أو لغة الشارع والأماكن المشبوهة، "وأذكر جيداً أن الموضوع أخذ نقاشاً طويلاً بيننا انتهى باختلاف وجهات النظر برفضي هذا المبدأ بشكل قاطع. إن ما أفرزته اللهجات عبر تاريخها احتوى على الطيب الجميل من الكلام وكذلك السيئ منه وعلينا أن نتفهم ما بينها ونختار ما يصلح ليبقى عبر الأجيال، لقد أصبحنا في عصرنا الحالي واختلاط اللغات بعضها مع بعض نتوق لسماع "المتبقي" من الكلام الجميل الذي خرج عن قواعد اللغة فأثرها بطريقة أخرى لاسيما وأن أكثر أبناء الجيل الحالي الذي يتكلم بما يعرف "أنجلو عربية" لا يفهم ولا يعرف مصطلحاتنا وأمثالنا الشعبية التي خرجت من البيئة المحيطة بالمجتمع، صحيح هناك كلمات أجنبية أضيفت إلى القاموس العربي بفعل تداولها وانتشارها بما يعرف بالخطأ الشائع في اللغة، لكن الأمر تطور كثيرا عندما فضلت لغات مثل الإنجليزية على لغتنا العربية في المعاملات بين الشركات والبنوك وغيرها من الهيئات والدوائر فأصبحت شرطاً أساسياً للوظيفة، بل الأمر ازداد سوءاً فذهب أغلب الأهالي إلى المدارس الخاصة التي تدرس المناهج الأجنبية ممن لا يكترثون كثيرا باللغة العربية والتربية الإسلامية ودون الحاجة لاكتساب جماليات وفنون وقواعد لغتنا العربية الذي فضلها الله عز وجل على سائر اللغات بأن جعلها لغة القرآن الكريم.. اليوم ازداد الطين بلة، كما يقول المثل، وظهر من بيننا من يكتب العربية العامية بالحروف الأجنبية كتشوية متعمد للغات وكخرق صارخ لكل قواعد اللغة ولكل الأعراف.