لم يعد مجال لقارب الدوحة، فقد طغت أمواج شاشة الجزيرة، وبغت، وتلاطمت واحتدمت وشقت قميص العلاقة مع محيطها الخليجي من دبر. لا مجال للتفكير السوي أمام حكومة قطر، وهي التي تركت الحبل للغارب، واستدارت باتجاه الغدر، والخديعة، والمراوغة، والمخاتلة، والسباحة في بحر من المؤامرات المتوحشة. تلفزيون الجزيرة، الذي تديره فئة من المرتزقة، والمتسللين، والذين جاؤوا من أقاصي الوجدان المتهشم، والفكر المسموم، والنفوس المريضة. في مثل يوم يتحفنا تلفزيون الجزيرة، بوجوه كالحة، شاحبة، مكفهرة، غشاها غبار مراحل ما قبل التاريخ. والحوثيون، ومن والاهم، هم زوار دائمون، بل مستوطنون لهذه المستعمرة، المشبوهة الذين يديرون الجزيرة، نفر من بقايا عصور تراكمت عليها الأحقاد كما تتراكم الطفيليات على جسد مريض، جاؤوا لكي يفرغوا ما يجيش في خواطرهم من نوازع الشر، والكراهية، وقد وجدوا الملاذ الآمن الذي يوفر لهم كل أدوات النفخ، والاتساع تورماً، وتضخماً، حتى باتوا، يشكلون تخمة إعلامية، تفيض بالصديد، والعديد من الأمراض التي ترفع من حدة الصراخ، والنعيق، والزعيق، والنهيق، ما جعل المشاهد يشمئز تبرماً من هذا النشاز الإعلامي الذي غير المبادئ، واستولى على القيم، واغتصب الحقيقة، وبدا دملاً متقيحاً، في الجسد الإعلامي، لا بد من قطع دابره، بتبيان الحقائق، وإظهار الوجه الحقيقي، لهذا الإعلام، وكشف عوراته الشائهة، وفضح أقنعته. إذا لم تكن الدوحة لم تعد تملك من زاد الدنيا، لتبقى على قيد الحياة، غير هذا البوق، المشروخ، وزمرة من العازفين على رقصة الموت الأخيرة، فإنه لا بد من كبح جماح هذا الكائن المسعور، وتقليم مخالبه وكسر أنيابه، فلم يعد أمام الإنسانية جمعاء من وقت، لتدع المرضى، والمشعوذين، وشذاذ الآفاق، كي يعربدوا، ويزبدوا، ويتمردوا على الحقائق، ويصبحوا، عقبة كأداء في طريق التقدم، والانتهاء، من الإرهاب، والعيش بسلام، ووئام، واطمئنان. لا يمكن للعام أن يستمر تحت ضربات الكراهية، وقصف الأحقاد، والتي هي من صنع تلفزيون الجزيرة وتوابعه وأضلاعه، وفروعه، وأشواكه، وأحجاره المسننة. ليس هذا مطلباً خليجياً، وإنما هو رغبة إنسانية مبعثها، الشعور، بالألم إزاء محطة إعلامية ليس أمامها من هدف سوى السعي إلى تدمير الثوابت الإنسانية وتحويل العالم إلى غابة، تقطنها الوحوش الضارية، والحيوانات الكاسرة. لا مجال اليوم للانتظار، فالخدعة البصرية التي نشرها تلفزيون الجزيرة، أصبحت واضحة للعيان، ومجسدة في ليبيا، وسوريا، واليمن، وقبل ذلك في الصومال، والرغبة العدوانية لم تنتهِ فصولها، فهي في كل يوم، لها ملحمة جنائزية في كل مكان من العالم.