أطلقت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف نظاماً إلكترونياً لتسهيل إجراءات الحج، وتستعد هذا الأسبوع لتنظيم سلسلة من ورش العمل لأصحاب حملات الحج والعمرة في الدولة لاطلاعهم على آلية العمل الجديدة باستخدام الموقع الإلكتروني للهيئة التي قالت إن هذه الآلية وضعت “ لتسهيل الإجراءات والتيسير على أصحاب الحملات والحجاج معاً بصورة لا تستدعي مراجعتهم شخصياً للهيئة لأغراض تسجيل بيانات الحجاج والحملات، لما يتيحه النظام الإلكتروني من حرية العمل على مدار الأربع والعشرين ساعة”.
كنت أتمنى من الهيئة أن تمضي إلى ما هو أعمق من استسهال الإدخال الإلكتروني للبيانات، وتتابع أبشع استغلال يتعرض له من يريد الذهاب إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج أو مناسك العمرة على يد بعض مكاتب وحملات الحج والعمرة. فهذه المكاتب استغلت غياب هذا العمق في المتابعة لتواصل ممارساتها الاستغلالية بحق الناس، في صورة تكشف مقدار الابتزاز والاستغلال الذي يمارس باسم الدين، والذي يكاد يكون سمة عند غالبية المسلمين دون سائر اتباع الأديان الأخرى. ولعل في مقدمة ذلك الاستغلال المبالغة في أسعار الإقامة في تلك الديار. ومن يذهب إليها يلتقي بحجاج ومعتمرين من بلدان خليجية أخرى، وهم الأقرب لنا، ويستغربون لدرجة الاستنكار للفارق بين ما يدفعون، وما يدفع القادمون من الإمارات لأداء ذات الفريضة أو المناسك في ذات الأماكن .
وإذا كانت مواسم الحج تشهد وجود بعثة رسمية للدولة تقوم بالتفتيش على مواقع الحملات، ومع هذا لا تخلو تلك المواسم من المخالفات، فإن أشهر أداء مناسك العمرة، تمثل مناخاً مثالياً لمواصلة تلك النوعية من المكاتب للمضي في استغلال الناس، وما الإعلانات المغرية التي تنشط هذه الأيام استعداداً لعمرة رمضان إلا وسيلة لجر الرجل حتى يصل الراغب في الذهاب للعمرة، فهي كما بعض إعلانات وكالات السيارات وشركات الطيران التي تقول إن الأسعار تبدأ من رقم صغير، تكتشف أنه يتضاعف مرات عدة مع أبسط طلب يضيفه الحاج أو المعتمر. أما بالنسبة لتأشيرات العمرة للمقيمين، فهي رسمياً مجانية ومن دون رسم للسفارة السعودية، إلا أن هذه المكاتب تقاضت خلال الأشهر الماضية ما لا يقل عن 350 درهماً ترتفع لتصل إلى 500 درهم مقابل التأشيرة لعمرة رمضان، لمجرد إدخال البيانات وتسليم واستلام جوازات السفر للسفارة السعودية. أحد القريبين من هذه الحملات قال إن مواسم العمرة أصبحت تدر ذهباً عليها بعد أن ضاق هامش أرباحها من مواسم الحج بسبب تحديد أعداد الحجاج وفق النسبة المقررة لكل دولة، وتركيز المكاتب على الفوز بتعاقدات الحجاج الذين توفدهم الجمعيات الخيرية والإنسانية الرئيسية في البلاد لأداء الفريضة على نفقتها. ولكن أشهر العمرة طويلة والاستغلال فيه يمتد إلى جوانب عدة من الإقامة والمواصلات وتذاكر السفر وغيرها من المجالات التي تعتبرها الحملات فرصة لزيادة عائداتها. لا أحد ينكر حق الحملات في الربح، فهي في الأخير مشروع تجاري، ولكن ما هو مرفوض الاستغلال البشع الذي يجري باسم الدين، والذي يتطلب تدخلاً ميدانياً معمقاً من الهيئة.

ali.alamodi@admedia.ae