لو طرح كل واحد منا سؤالاً على نفسه، ماذا أعددت للإجازة، ماذا فعلت فيها، أو ماذا ستفعل، كيف أمضيتها، أو كيف ستقضيها، كم كتاباً قرأت، أو هل قرأت أي كتاب، ولو في ساعات طريق الرحلة الطويلة، لكانت الإجابة على الأغلب، سلبية، بل كان السؤال في حد ذاته مستغرباً مستهجناً، فهل الإجازة وقت قراءة! ربما لا تجد مسافراً “غير عربي”، يسافر بلا كتاب يرافقه في رحلته، يقرأ فيه كلما سنحت له الفرصة، فيستغل وقت الرحلة براً أو بحراً أو جواً بالقراءة، بينما نقضيه نحن بالثرثرة الفارغة أو النوم في أحسن الأحوال! طلب منا أحد المعلمين الكرام في المرحلة الإعدادية، أن نحضر معنا دفتر “جيب” نسبة إلى وضعه في الجيب، كنا نفرح أيّما فرح كلما وجدنا مفردة جديدة، وقد اعتدنا ذلك، فأصبحنا نتنافس في حفظ المفردات الجديدة عربية وإنجليزية، ونتذاكر في الكلمات الجديدة، وبعد سنة وجد كل واحد من الطلاب قاموساً خاصاً به بين يديه، دون عناء، وقد حفظنا معظم ما ضمته دفاتر جيبنا بين دفتيها، ودون أن نشعر اكتسبنا عادة القراءة باصطحابنا قواميسنا الخاصة، أينما ذهبنا، حتى في الرحلات. بينما كنا نجهز أمتعنا للسفر في إجازة العام الماضي، لاحظت أن ابني وعمره خمس سنوات قد وضع في حقيبة يده الخاصة مجموعة من القصص، وعندما سألته لماذا تأخذ القصص معك؟ أجاب: كي أقرأها في الطائرة، لماذا أنت تقرأ كلما سافرنا! وبالطبع لابد من معركة مع الزوجة المصون، في كل رحلة، بسبب القراءة في الطائرة، فتقول مستنكرة وجود “ضرتها” الكتاب”بيننا : ألا يكفيك الساعات الطوال التي تقضيها في عملك بالجريدة، “حرام عليك ارحم حالك، ربما تحتاج إلى نظارة ثالثة” - للعلم فقط - نظارتي نظارتان في واحدة! وجه الاستشهاد أن الطفل يكتسب القراءة كمهارة وعادة في الوقت نفسه من محيطه، من والديه، من إخوته، ومن مجتمعه، ومع الزمن تصبح القراءة عادة، وعندها سيبقى دور الأهل في توجيه القراءة بالاتجاه الصحيح. وقد كنت في السابق أتساءل وأعجب من الذين لا يفارقهم الكتاب في السفر، ولكن بعد أن ذقت حلاوة القراءة في السفر، عرفت سبب تمسكهم بعادة القراءة في السفر. معروف الرصافي: قـرأتُ وما غير الطبيعة من سِفرِ صحـائفَ تحـوي كل فـنّ من الشـعرِ أرى غـرر الأشـعارِ تبـدو نضــيدةً على صفحات الكون سطراً على سطرِ وما حـادثاتُ الدّهــر إلاَّ قصــائد يفــــوه بهـا للســامعين فـمُ الدهــرِ وما المـرء إلا بيت شـعر عروضـه مصــائب لكـن ضــربَه حفـرة القــبرِ Esmaiel.Hasan@admedia.ae