فحط يا ولد!
لا أحد يعلم نهائياً من هو أول الإماراتيين المفحطين، أو “مفحصي الويلات” كما نقول بالعامية الإماراتية، من كان الفطحل الذي أدخل التفحيط إلى عقول شبابنا، لا أحد يعلم من كان هذا الفاتح العظيم لكنه حقاً لم يفعل بنا خيراً!
ولمن لا يعرف ولا يعلم، فالتفحيط أو التخميس هو اللعب الاستعراضي بالسيارات، والتفحيص هو إصدار أصوات عالية عبر الاحتكاك القوي للإطارات بسبب الفرامل، و”الشل” هي طريقة رفع السيارة على إطارين فقط لتمشي بهما نصف مرفوعة للأعلى! أما “الدعاس” فيعتبر السباق التسارعي مع شخص آخر!
ومن سوء حظ المرء أن يقع بيته في منطقة تخرج جهابذة التفحيط واستعراض السيارات، والأسوء حظاً هو من يكون منزله قريباً جداً من قلب الحدث “الدوار”، خاصة لو كان من النوع المحبب المفضل لهواة الاستعراض يربط بين شارعين طويلين من نمط شوارع الخدمات تندر فيهما الحركة بعد صلاة العشاء.
كل ليلة بعد أن ينتصف الليل ويسكن الناس في بيوتهم يخرج محبو الاستعراض ليحتلوا الدوار، فيبيت الحي كله يسمع صيحات الإطارات، وأصوات “التنفيل” واحتكاك حركة “خشع القير”!
استعراض يعرض حياة الشبان للخطر، لا يمكن أن يقع عبء مسؤوليته على الأهل ولا على الشرطة، استعراضات من تلك التي يتحمل فيها المرء وحده المسؤولية الكاملة على تصرفاته، فالأهل مهما كانت سلطتهم وسطوتهم لا يسمتع إليهم الشاب حين يصل الحوار لسيارته، والشرطة التي تلاحق كل من يضع إضافات غير قانونية أو مزودات سرعة أو أي عناصر صوتية لا يمكن أن تسيطر وحدها على الموقف، وحتى القانون الحازم الذي لا يتساهل في هذا الأمر لا يعيره الشباب انتباهاً حين يشتد حِمى الاستعراض.
كم من الحوادث المميتة وقع لشبان يستعرضون، كم من الكوادر الشابة فقدناها بسبب السيارات وسوء استخدامها، صارت الاستعراضات لعبة الموت التي يلهو بها المراهقون والشبان الصغار، ويتحمل ألمها ويتجرع مرارتها الأهل والأقارب والدولة التي تفقد شباباً كان يجب أن يساهموا في التنمية الحضارية.
قيادة السيارة بهدف الاستعراض لها أبواب رسمية شرعية في حلبات السباق المخصصة لهذا النشاط، مثل حلبة أم القيوين الشهيرة، ويمكن لمن يحب ممارسة هذه الرياضة أن يلجأ للحلبات الخاصة دون أن يزعج الناس ويقلق راحتهم وهم في البيوت، وكل ما نريده أن يخافوا قليلاً على أنفسهم من أخطار هذه الاستعراضات المميتة، وأن يحترموا حقوق الناس الموجودين بالقرب من أماكن استعراضاتهم غير الشرعية، وأن يتعلموا أن القيادة ذوق وأخلاق.. مثلما هي فن.