عندما تهنأ الدول بالأمن السياسي، والرفاه الاقتصادي، والاستقرار الاجتماعي، والانفتاح الثقافي، فإن القرائح تزهر، والمواهب تزدهر، والعقول تعشب بالقدرات، والقلوب تحضر بالطاقات، والنفوس تبحر باتجاه المعارف غارفة من أعماق وأشواق وأحداق العلم.. اختيار طالبين من الإمارات للتدريب في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية “سيرن” لهو دليل على أن أبناءنا أصبحوا في وجه المقارنة والمقارعة مع الآخرين الذين حققوا امتيازات علمية مبهرة، وتبوأوا مكانة ثقافية عالية الجودة، الأمر الذي يؤكد أن ما حظي به ابن الإمارات من أسباب الرقي والتقدم على جميع الصعد، وما ناله من إمكانيات علمية ومعيشية وثقافية قد أهلته لأن يصبح عالم المستقبل ومفكراً ومبدعاً ومخترعاً، يضيف إلى رصيد الحضارة الإنسانية ما تحتاجه وتفتخر به وتعتز.
الإمارات ودول الخليج العربي عامة، في زمان قريب كانت تقف عند رصيف الدهشة لكل ما يأتي من خارج محيطها من إبداعات ومخترعات، أما اليوم فإن هذه الدول وفي مقدمتها الإمارات أصبحت مشاركة وفاعلة في الحراك الحضاري الإنساني، بل إن الإمارات اليوم أصبحت في جوهر المسألة الحضارية ومحورها وعمودها، كل ذلك بفضل ما توليه القيادة من اهتمام بالإنسان وتحقيق آماله وأمنياته، وفتح النوافذ للعقول لأن تقدم ما لديها وتعطي للوطن والإنسانية ما تطلبه الحياة من الإنسان الذي دعاه الله عز وجل أن يعمر الأرض وأن يحافظ على ثرواتها، لأنه منها ومن ترابها جاءت ملكات إبداعه واستمتاعه.
أبناء الصحراء المبجلة والبحر النبيل يزرعون الذاكرة بمجد وسد ووعد وعهد، ويبحرون في العلم بسفن الطموحات الكبيرة، مجللين بالدعم والتشجيع من قيادة لا تغمض الجفن عن قدرات الأبناء، ولا يجف معين عطائها، وهي تضع نصب العين هؤلاء الفلذات، هؤلاء سنابل الحاضر، ثمار الغد، حصاد الوطن، وزهو التطور الإماراتي.
أبناء الإمارات يقبلون اليوم على مختلف التخصصات العلمية بطموحات الكبار وقدرات المتمكنين وطاقات القادرين على اجتياز الامتحانات الحياتية الصعبة. ولا صعب أمام من تأبط الأمل وتحزم بالتفاؤل، ووضع مستقبل الوطن ما بين الرمش والرمش، وسار حاسراً متجاسراً يبغي التفوق والامتياز ليهدي الوطن عصارة التعب، وتعب العقل لتتكئ نفس الوطن مطمئنة آمنة واثقة بما يقدمه الأبناء وما يبذلونه من جهد وعمل.
وفق الله كل مجتهد وحباه التقدم والتفوق لأجل ازدهار الوطن.


marafea@emi.ae