ما بين العرب والعرب، ما صنع الحداد، وما حفرت الأفاعي في بُطون الأرض.
أمداً؟ لأن هناك دولاً بحجم النملة على الخارطة السياسية تريد أن تصبح دباً.
هذه الدول النكرة فكّرت أن تطوق العالم بذراعين عملاقتين، وهي لا تملك غير مخالب أرنب مذعور، يسكن في خبء الهزالة والهوان، ولأن عقدة النقص هذه تشكل عبئاً على كيانها الضعيف، فإنها فكرت بالاحتيال على الواقع، والالتفاف حول إمكانياتها التي لا ترى بالعين المجردة، فاتجهت صوب من يشاطرونها في الدونية ومركبات النقص، فكانت ضالتها في الجماعات الإرهابية، إن بين تلك الدول، وهذه الجماعات قاسماً مشتركاً، ألا وهو وهم القوة، وسطوة النفوذ، وتشكي العدوانية تجاه الآخر، الأمر الذي سهّل الطريق أمام الطرفين كي يمضيا في تنفيذ مشاريع الهدم والتدمير في العالم، وزرع الفتن، ونفث فحيح الأفاعي، وبث نيران الحقد والأسى في المجتمعات الآمنة.
ونظام قطر والإخوان، مثال صارخ لهذا الاندفاع الجنوني باتجاه توسيع الهوة، وحفر الفجوة الواسعة في مجتمعات وجدت نفسها في وسط هذا الجحيم، ظلماً وعدواناً، وهذا التآمر المريع أوجد فرصة سانحة لدول أخرى لها أجندتها الخاصة في شق الصف العربي، لانثيالات زمنية وتاريخية ماضية، ورواسب عرقية أليمة ولَّدا الأمر، وكأن نظام قطر والإخوان ودولة مثل إيران، عقدوا العزم على تحويل المنطقة إلى طرائق قدد، تصول فيه جيادهم المريضة، وتجول ركابهم في الفضاء العربي المفتوح على آخره، وتكسير الثوابت، وتحطيم الأسس، وتدمير القيم، وتهشيم الروابط التاريخية التي تضم العرب.
ولكن تنتابنا الدهشة عندما نرى بلداً عربياً مثل قطر، لم تجد وسيلة لإثبات الذات إلا من خلال بث الفرقة ونشر الإرهاب، ونفث دخان الكراهية في العالم العربي، وهذه ظاهرة تاريخية، يبدو أنها الثانية بعد حروب الطوائف في الأندلس التي أثارتها مجموعات طائفية وعرقية، ولا أدرية شبيهة بنظامي قطر، ويؤسفنا أن نضع نظاماً عربياً في صف نظام عرقي، ولكن هذا هو الحال، وهذا هو الواقع الذي أراده نظام قطر، عندما اختار الإرهاب وسيلة للتعبير عن أوهامه وخيالاته المريضة.
نتحدث عن نظام قطر، وعيوننا على أرض عربية تدنس الآن بجيوش المرتزقة، وتحاط بزمرة نفعية، انتهازية، وصولية، لا هم لها إلا تأزيم الواقع العربي، وتأجيج النيران في مواقده، وإثارة الغبار في حياضه.
أمر مؤسف أن يقبل بلد عربي هذا الوضع، ويكابر في المحافل الدولية، متظاهراً بالمظلومية، متحدثاً عن حقوق الإنسان، وهو أول من يضرب هذه الحقوق، عندما يتحالف مع الشيطان، لقتل الأبرياء وتشريد الآمنين في كل بقعة من بقاع الوطن العربي.