وردة الحياة هي، رافعة السقوف، بوابة الخروج الكبير نحو التفاصيل، والبريق الجاذب المخلص من جفاف الوقت وضيق الدهر، من انكسار النظرة؛ إنها الثقافة بمعناها المتعدد والواسع، هي العتق من أوهام الماضي المتكلس في الرؤوس والحاضر المخادع في بعض مشاهده اللامعة الكاذبة.
البلدان التي تدرك معنى الثقافة يشع دائماً الجمال في ربوعها والسلام في حياتها، حيث يحضر الفن بكل فروعه لينشر عطراً ويطل بوجه متجدد دائماً، جمال فيه تتداخل الأفكار وتمتزج الرؤى لتضفي لغة مليئة بمعاني الجذب والرقي الإنساني في أعلى تجلياته.
هكذا دائماً، للثقافة دور عميق في التغيير، في المحبة والخير والسلام، في الاستيعاب والتلاقي والحوار، ومن هنا أدركت دولة الإمارات العربية المتحدة، جيداً هذا المعنى للثقافة، فكرست لها الكثير من المنصات لتنتشر داخل المجتمع الذي تصر الدولة على أن يكون واحة محبة، بلد يمكنه أن يلم الكون، وأن تتمازج فيه الثقافات لتكون أيقونة متجانسة لها رونقها الخاص.
ومن تلك الجهود الكبيرة في الاعتناء بالثقافة، إطلاق العاصمة أبوظبي الأسبوع الفائت استراتيجيتها الثقافية الخمسية، التي احتوت الكثير من المجالات، القادرة على تتويج أبوظبي كواحة ثقافية استثنائية، ذلك لما حملته تلك الاستراتيجية من تحدٍ لانبثاق النور عبر فعالياتها المتعددة ومؤسساتها الثقافية التي تنال الاهتمام الكبير من القيادة كي تكون معلماً ثقافياً استثنائياً في المنطقة، مثل متحف الشيخ زايد والمجمع الثقافي واللوفر أبوظبي ومتحف جوجنهايم، المتوقع منهم أن يرفدوا المشهد الثقافي بالكثير من الحراك الخلاق.
ولم تغفل الاستراتيجية الجانب التراثي والآثاري، وذلك إيماناً بأهمية الماضي وضرورة حضوره في المشهد الحديث كشاهد على تجربة الإنسان وحياته هنا منذ مئات السنين، حيث يسير الجانب التراثي والآثاري والمرحلة الثقافية الحديثة في خطين متوازيين، لا يلغي فيه الحاضر التراث ويركنه جانباً ولا يقحمه على الحاضر ليتشعب في تفاصيله، ولكنه هو التعبير عن الإدراك بأهمية دخول هذا القديم لتؤخذ منه العبر؛ ومن فنه أن يولد الجديد الممتزج بعطر الماضي والحاضر.
المواهب تحضر أيضاً، حيث يخفت المشهد بدونهم وتضيع المعالم والتفاصيل؛ ولذلك تركز الاستراتيجية على هذه الفئة من خلال استيعابها لأعداد كبيرة منهم في مجالات فنية متعددة، عبر دورات وورش كي يشكلوا حالة فنية مبدعة، بكم كبير وتراكم نوعي.
هذا شيء من الاستراتيجية الثقافية لأبوظبي والتي تشير إلى أنها الرهان الجوهري للعاصمة من أجل المضي قدماً نحو التوجه الكبير إلى جودة الحياة التي تصر أبوظبي على أن تكون طريقها الدائم في عملية التنمية وبناء الإنسان.