بيد مفتوحة على المدى، وبقلب أرهفته المحبة ينبغي أن نستقبل الحياة، كل يوم ولحظة بعد لحظة علينا أن نجدد روعة وجودنا بالمزيد من الفرح العالي بجميع الأشياء من حولنا. ذلك لأن الفرح عندما يتحول الى سبب وغاية وجودنا تصبح الدنيا حفلة ألق مستمرة لا تعكرها غمامة الحزن، ولا يتسرب الندم بين لحظاتها. وأن تفرح، لا يعني أن تعيث صخباً أو أن ترقص في الضجيج الفارغ، إنما هو ارتباط قدري بالجانب المشرق من روحك، وعلاقة حميمة أنت تبدأها مع كل الموجودات وكل الناس، وهي تقوم على المحبة والوضوح والصدق بداية من أول ساعة في الصبح، عندما تدير وجهك ناحية الضوء، وتبتسم الى روعة أن تكون حياً لتشهد معجزة وجودك وهو سبب أكثر من كاف لكي تبدأ بالفرح وتتمسك به حتى نهاية اليوم. والفرح يعني أن تترك نفسك تنساب في نهر الصفاء الذي يجري في الوجود، ولكن لا يراه إلا القلة، هذا النهر الذي ينبع من أعالي الحب ويجري في القلوب المطمئنة التي تدرك أن كل لحظة هي اختزال عظيم للوجود كله، وأي ضياع، أو غفلة عن هذه اللحظة معناه خسارة الزمن والسماح لليأس بأن يتسيد على أقوالنا وأفعالنا. الحكماء على مر العصور مجدوا الفرح، واعتبروه أعلى درجات الانتصار على النفس التي يعوقها الضجر ويعميها الخوف من رؤية الأشياء الجميلة فترى الناس يميلون إلى الشؤم والانطواء والغرق في السلبية والتعلق بحبال الكذب القصيرة مفوتين على أنفسهم رؤية انعكاس الظل على الزهرة قرب نافذة الصباح ولحظة اشتعال الدنيا بفرح فوج من الأطفال يعبرون الشارع، وغيرها من اللحظات التي تتكرر أمام أعيننا في كل وقت، ولكن لا نلحظ وجودها وحتى لا نلمحها. وهؤلاء غافلون عن الفرح الحقيقي الذي يمكن الوصول إليه بطرق كثيرة، أولها تصفية القلب والروح باستمرار وعدم السماح للأفكار المريضة بالبروز على صفحة العقل لأنها تشوش رؤيتنا لكل ما هو جميل. لم يذهب المؤرخون الى تدوين لحظات الفرح الصغيرة واليومية، وأكثرهم كان يهتم فقط بلحظات الفرح والمجد والانتصارات الكبرى التي كتبت معظمها بالدم والسيف. لكن اليوم هناك من يعود الى تمجيد الفرح الصغير، عندما يكتب شعراء اليوم قصائد طويلة في مدح المهملات اليومية والتفاصيل الصغيرة التي لا تلتقطها إلا العين التي تبحث عن الجمال في كل لحظة. وبقليل من التأني في الكتابة قد تكون هذه القصائد تدويناً للفرح بالأشياء بعد سنين. الفرح روح الوجود وابتسامة في الفقير أول الطفولة وآخرها أول الخبز وآخر الرحيق عادل خزام akhozam@yahoo.com