في يوم المعلم تتفتح أكمام الورد، وتوشوش الموجة في أسماع الكون، وتنسج دودة القز حرير الوعي، وتذهب الغيمة إلى النهار كي تهديه بلل الحياة، وتعزف النجمة لحن الخلود، لتبدو الأيام مثل النخلة، عناقيدها كلمات تفتح للفلذات أنهار الحياة، وتمنح الوطن فسحة التألق بين الحضارات، وتكتب التاريخ بحروف من نثات المطر.
يوم المعلم، هو يوم تبدو فيه الأحلام أزهى من وجه القمر، وأعبق من شذا الزهور، وأطرب من تغاريد الطير على القمم الشم، وأعذب من زخات السماء، وأخصب من خمائل العشاق في رواق الشعر، وأصخب من نبضات القلوب ساعة
الفرح، وأرتب من دفقات الماء في عروق الشجر، حيث المثول أمام المقدس، شرفة تطل على الوجود بهالة الجلال والجمال والكمال.
في يوم المعلم، تسكب الذاكرة صور معلمين أسسوا للفكرة خيمة الدفء، ونسجوا للحلم قماشة الوعي، وكتبوا على سبورة العمر، ألف، باء، العبارة المجللة بقلائد السعادة، هؤلاء هم آباء وأمهات الذين زرعوا الحنين في فصول الدراسة، وعملوا على إضاءة مصابيح الفكرة، لتكون في الزمان قصة سفر إلى التقدم والازدهار، وإزهار العقل بما يليق بالفرد من مكان على جغرافيا العمل الوطني، وبما يحقق للوطن من نور يذهب به إلى المجد، بفخر واعتزاز، وقيم تزهر بأخلاق الناس النبلاء.
في يوم المعلم نقف إجلالاً لمن ضحوا وسهروا، وبذلوا لأجل أن تصبح الأشجار وارفة الظلال، سامقة الأغصان، باسقة الأفنان، رائعة الصورة، بالغة النشوء، هفهافة، ريانة بالنبوغ، وفصاحة العطاء، وبسخاء، ورخاء.
في يوم المعلم، نتعرف إلى ذواتنا، ونعي أن الوعي ما هو إلا قارة، أنهارها عقول تشربت من ماء المكرمات، وجبالها نفوس شمخت بشموخ معلم، وقف في ذات تجل أمام مريديه، وقال أحبائي، أنتم جيل المستقبل، أنتم عماد الوطن، أنتم أركانه، وأساس بنيانه، أنتم بيانه وضوء بنانه.
يوم المعلم، يوم فيه تبدو الحقيبة المدرسية، علبة الذهب الذي منه تتزين العقول، وتنصع القلوب وتلمع الفكرة بوهج الشفافية، وأهداب التفاؤل.
في يوم المعلم، يسيل القلم على صفحات دفتر مازال يحفظ الود، مع من زرعوا الوداد سدرة على أغصانها تضع
العصافير أعشاشها، وترفع النشيد الوطني دعاء مستجاب، يحيا الوطن عزيزاً كريماً، آمناً مطمئناً، لا تشوبه شائبة، ولا تعيقه عاقبة.
في يوم المعلم، الحب ينمو في الثنايا والسجايا، وتترعرع أجنحة الحياة فرحاً بهذه المناسبة العزيزة على كل من خفقت جوانحه لمن كان رسول علم، وباني جيل.