يتواصل قطاف الدبلوماسية الثقافية الإماراتية، والإمارات تفوز بمقعد دائم في مجلس منظمة المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية «إيكروم» لتصبح ثاني دولة في العالم تحصل على هذه المكانة المرموقة بعد إيطاليا، بحسب ما قالت معالي نورة الكعبي في معرض إعلانها عن الفوز الثمين الذي جاء تقديراً لجهد إماراتي متميز وملحوظ في الاعتناء بالإرث الإنساني للحضارات المتعاقبة، وإيلاء اهتمام خاص بما على هذه الأرض وشهدته على امتداد العصور الغابرة.
وعندما امتدت يد الرعاية والاهتمام الإماراتي، فقد كانت تنطلق من رؤية شاملة تستند إلى مفاهيم وقيم قامت عليها إمارات المحبة والعطاء، محورها التسامح واحترام الآخر والثقافات والحضارات الأخرى.
قبل أيام قليلة، كانت الإمارات أول دولة في العالم تتكفل ببناء كنائس العراق بدءًا من الموصل في إطار تلك الرؤية وضمن الاتفاق مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» لاستعادة المواقع التراثية والثقافية في المدينة العراقية، وانطلقت تحت شعار «إحياء روح الموصل». وضمن جهود إعادة إعمار المعالم التاريخية في المدينة التي تعتبر من المحطات الفارقة في مسيرة الحضارة الإنسانية. وبموجب ذلك الاتفاق ستقود الإمارات جهود إعادة بناء عدد من المواقع الثقافية المدمرة في الموصل، وهي كنيستا «الطاهرة» و»الساعة». قبل ذلك كانت الإمارات قد تكفلت بإعادة بناء الجامع النوري ومنارته الحدباء. في رسالة التزام واضحة في وجه القوى الظلامية ممثلة بتنظيم «داعش» الإرهابي الذي استباح المدينة وعمل على تشويه معالمها التاريخية وشواهدها الحضارية والصورة التي تميزت بها من تسامح وحسن تعايش بين الأديان والثقافات والأعراق.
إن ما مارسه ذلك التنظيم الإرهابي المتوحش في الموصل ما هو إلا صورة لممارسات الإرهابيين أينما دانت لهم أرض، لأنهم أعداء النور والحياة، رأينا دلائل تعصبهم في باميان أفغانستان و«تمبكتو» مالي وغيرها من الأماكن والمناطق، حيث يضعون في مقدمة أولوياتهم طمس كل جميل وحضاري في هذا الكون، صاغته القيم الإنسانية النبيلة والحضارية، وتحولت أيقونات تعتز وتفخر بها شعوب العالم.
أولئك الإرهابيون والمتطرفون المشوهون لجمال الحياة وقيمها الرائعة لن ينتصروا طالما تصدت لهم القوى الخيرة واتحدت جهودها ومبادراتها انتصاراً للخير وحب الجمال والحياة ونثر الفرح والتسامح والتعايش.
فوز الإمارات بمقعد دائم في «إيكروم» فوز وتقدير للالتزام بنهج «زايد الخير» في عام التسامح، ودامت الإمارات سباقة في صون التراث الثقافي.