ما أبهى الاحتفال حين يغمر القلب كشلال فرحة.. ما أروع أن يسكن الوطن فيك، فتتلون ذاتك بألوان التضاريس والنخيل وماء الخليج، وتحتضن كل الوجوه.. ما أحلى المسير في دروب بلادي حين اقترب من بعيد إلى العَلَم الشامخ هناك، والعَلَم الراسخ في قلبي يرفرف كجناح طائر يصر كل صباح أن يجوب الوطن، ويستقر على غصن الأمل. يوم العَلم.. يوم الزهو والفخار.. يوم الوفاء والولاء.. يوم نلامس فيه مع علمنا الشامخ عنان السماء.. اليوم العَلَم هو البطل الرئيس في قصة العشق لوطن يعطي بلا حدود وشعب يحب بلا حدود.. وطن يدعو لبناة نهضته، من قادوه إلى العلا وأبقوا علمه صوب النجوم. اعترفت قبلاً أنني أعجز في مثل تلك المناسبات عن الكتابة، فالمشاعر التي ترافقها أعمق من أن تُكتب، وأكبر من أن تحتويها حروف الأبجدية، وفي يوم العَلم أراني كما اعتدت.. يبدو الصمت والابتسام والرضا ما يليق أكثر بالمناسبة. تدفعنا ظروف العمل كثيراً للسفر خارج الحدود، وفي كل الأحوال ليس بإمكانك أن تغير واقع أنك في «غُربة»، نهفو من المدى البعيد إلى الوطن أهلاً وناساً ودروباً، وحين نحضر في غربتنا تلك مؤتمراً صحفياً نحن طرف فيه أو نحل ضيوفاً على سفارة الدولة في أي بلد كنا.. يطل العَلم فيختزل كل شيء ويحضر كل شيء ويسمو على أي شيء.. العَلم ليس تلك الرقعة الصغيرة من القماش.. هو اختزال لكل ما تحب وكل ما تجل وكل ما تعشق.. العلم ملبسك وغطاؤك وشرابك.. العَلم ولدك الصغير وعشقك الأثير وصوت أمك القادم من قريب يربت على كتفيك ويلامس صدرك.. العَلم صوت والدك الحاني يرافقك حتى إن رحل.. العَلم أمنياتك القابعة فوق كتفيك.. هو الضوء في أول الطريق وآخره .. العَلم ليس سارية على الخليج أو في مدرسة أو على واجهة مؤسسة.. العَلم في القلب.. يرفرف مع كل نبضة ويلف جوانحك فتركن للسكون. يوم العَلم.. موعد لتأكيد العهد من جديد، لنهتف أننا نفديك يا وطن.. موعد لصمت جليل تغمرنا فيه السكينة.. موعد للوفاء والولاء لمن صانوا العهد وأبقوا العَلم شامخاً في السماء.. يوم العَلم عنوان لكل أيام البهاء. كل شيء قابل للأخذ والرد إلا الوطن.. كل المواقف تحتمل الصواب والخطأ إلا الوطن.. كل الناس قابلون للحب والكراهية إلا الوطن.. كل شيء يهون ويبقى العَلم.. ويبقى الوطن. كلمة أخيرة: وحده العَلم.. لا تراه إلا في ظل السماء