في تقريره عن التعليم في الوطن العربي، أشار البنك الدولي إلى أن دولاً عربية لا تزال تسير في ذيل القائمة بالنسبة لمستوى التعليم في المراحل الثلاث، الابتدائية والإعدادية والثانوية· ويشير التقرير إلى أن نسبة الإنفاق الحكومي على التعليم لم تتجاوز الـ 20% وأن خمسة بالمائة من اجمالي الناتج المحلي هو نصيب التعليم· تقرير مخيف ومرعب، يشيع سحابة داكنة على مستقبل أمة دخلت القرن الواحد والعشرين، وكأنها لا تزال في قرون ما قبل النهضة الأوروبية، فالعالم يتطور ويتغير ويغير من أساليب التعليم والمناهج الدراسية والرؤى والتوجهات من أجل مواكبة التغيرات الاجتماعية والثقافية والتكنولوجية، ونحن لا زلنا نقف الحياد من العلم ونجند كل طاقاتنا وإمكاناتنــــــا، في حين نجندهــــا في مجالات قد لا تستحق كل الاهتمام والهبَّات العصبية· التعليم يعاني، والثقافة تعاني، والفكر الاجتماعي يعاني، والمشكلات الاجتماعية تتفاقم، والعجز في التعاطي مع شؤون العصر يتورم، والبطالة تتسع دائرتها، والجهل والمرض والفقر ثالوث جذره في التعليم البليد، وساقه في الانتهازية الفجة، غليظة القلب سليطة اللسان، كسيحة البيان والتبيين· التعليم يواجـــــه أزمة طاحنـــــة ومزمنـــــة، والعالم العربي لا يزال يتحدث عن دخول بوابة العولمة، ولا أدري من أي ثقب سندخل ونحن نعيش الخواء ولا يسعفنا غير العواء والجلوس على أرصفة الفراغ، متحدين كل رغبة في التجديد الملائم لثقافتنا، وقيمنا الإنسانية التي لا تتعارض مع قيم الآخر، وإنما تبنى عليها وتسير معها بخطى متوازية متكاملة· التعليم في بلادنا العربية على الرغم من الثورة العلمية الهائلة في العالم، إلا أن تعليمنا لم يخرج بعد من شرنقة البدائية وتلقين اللوغاريتمات المبهمة، والتي يعجز عن فهمها كل عارف فطين·· لأنها أساليب جيء بها في علب مغلقة وقيل للطالب ''واللا العصا واللا إشرب'' لم تكلف وزارات التعليم في الوطن العربي نفسها الجهد في البحث عن الأساليب والطرق التي يستطيع الطالب من خلالها استيعاب ما يقدم له من مناهج تعليمية، وعندما يسأل المســـــــؤولون عن هذا الخــــــراب تســـــمع الرد أن الميزانيات لا تكفي لاستيعاب ذوي القدرات الفائقة في وضع المناهج المناسبة، لذلك فإن الترقيع هو الحل وأن موجه الرياضيات يمكن أن يقوم مقام موجه اللغة العربية وإلى ذلك من وسائل لا تسمن ولا تغني، بل تفني المزيد من الطاقات وتبيد المزيد من القدرات لدى الطالب العربي، والمدارس في النهاية لا تخرج إلا مجاميع من الحفظة لا يضيفون شيئاً إلى المجتمع بل هم عبء ثقيل ورصيد بائس·