لا أحد لا يحب أن يكون الأفضل، والأكمل، والأجمل، والأنبل، ولا أحد لا يحب أن يصبح الملك المتوج في هذه الحياة. الزوجة تريد أن تكون الحسناء المدللة لدى زوج لا يقبض يديه عن طلب، أو رغبة. والزوج يريد أن يكون بوذا الذي تتلقفه عيون الزوجة في إشراقتها الكهنوتية، ومن دون تردد أو تلكؤ! الموظف يريد أن يكون في مقلة المدير، وفي لبه وشريانه، ولا منافس له، ولا معادل لقربه من وجدان المدير.
المدير يتمنى أن يكون المهاب من قبل موظفيه، والناجح في إدارته والمبهر في طلعته. التلميذ يود دائماً رضا المدرس، وحصد الدرجات العالية، والنجاح منقطع النظير. والمدرس لا يقبل إلا بتقدير طلابه له، وإذعانهم لشخصيته، وإنصاتهم لشرحه. تبقى هذه التمنيات مجرد أهواء، وأحلام لا ترقى إلى الواقع، ما دامت لم تعزز بقدرات وملكات وإمكانيات. تبقى هذه الرغبات مجرد أهواء طالما لم تدعم بثقافة الإيثار والتفاني والتضحية، وقبول رغبة الآخر، بالتساوي مع رغباتنا.
نحن عندما نكون في حضرة الآخر، لا نفكر إلا بأنفسنا، ولذلك نخسر الآخر، كما نخسر أنفسنا. نحن عندما نشترك مع الآخر في وظيفة، أو عش الزوجية، أو في أي مجال من مجالات الحياة، نلغي من قاموسنا فكرة أننا لا نستطيع العيش بمفردنا، وأننا والآخر، نشكل كياناً اسمه المجتمع. نحن نخسر أنفسنا لمجرد نسياننا واجبنا تجاه الآخر. عندما يصحو الزوج، وعلى محياه تسقط ذرات غبار الغضب، فإنه يصبح مغناطيساً منفراً وغير جاذب.
عندما تنظر الزوجة إلى شريكها نظرة الأرنب إلى ورقة الخس، فبعد زمن، تصبح الورقة الخضراء نفاية في مكبات الحياة. عندما ينظر الطالب إلى المدرس كعامل فحسب، فإن هذا العامل سوف يسأم، ويسخط، وتصبح العملية التعليمية مجرد شارع مرصوف بقصاصات ورقية. عندما ينظر المدرس إلى تلاميذه، كحشد من المارة في طريق وعر، وعليه الانضمام إليهم، من دون معرفة سبب التزاحم، فإنه بعد فترة، سوف يجد نفسه في المحيط، مجرد قذى في عين مرمدة.
عندما يفكر الموظف أنه في الوظيفة طبيب زائر فقط، ولا التزام عليه في شؤون العمل، فإن الكثير من الخسارات ستعم بالمستشفى، لتأخر الطبيب عن أداء واجباته، وهكذا فنحن معنيون بالالتزام بأخلاقيات العلاقة مع الطرف الآخر، ونحن مطالبون بأن نتفاعل. الأحلام لا تدق نواقيسها، إلا في آذان العشاق، وكل من يعي دوره في بناء علاقة متوازنة مع الواقع.