كانت المرة الأولى التي يظهر لي فيها اسم وصورة في وسيلة إعلامية، وكانت الأكثر تميزاً وفرادة؛ وقد يحق لي أن أفخر كوني الوحيدة من بين الإعلاميين الإماراتيين - من أبناء جيلي - ممن حظي بهذا الشرف، والسبب الوحيد أنها كانت إطلالة في الأعداد الأولى لمجلة «ماجد». كان ذلك قبل أربعة عقود كاملة عندما تعلقت بهذه المجلة حتى قبل أن تكتمل قدرتي على فك حروف كلمة «ماجد».
لهذا كنت مبهورة جداً عندما كُلفت منذ عام ونصف العام برئاسة تحرير مجلة «ماجد»، رغم أن الرعب كان رفيقي لثمانية أشهر كاملة؛ فآخر ما كنت على استعداد لتحمل مسؤوليته طفل صغير، فما بالك بمسؤولية ملايين الأطفال العرب الذين يطّلعون على «ماجد»، وملايين الكبار ممن يتعاملون مع هذه المجلة العريقة بحنين بالغ الحساسية، ويرون فيها الأساس المعرفي الذي أشعل فيهم جذوة حب الاطلاع والعلوم!
المثير فعلاً أن هذه الفئة من الكبار، يطالبون باستمرار بأن يكون للمجلة دور في التأثير على صغارهم كما أثرت فيهم، من دون أن يتوقفوا قليلاً ويسألوا أنفسهم: هل معطيات واقعهم منذ أربعة عقود تشبه الواقع الذي يعيشه أطفالهم الآن؟! قدمت هذه المجلة على مدى عقود ماضية تأثيراً فعلياً على أجيال من الأطفال العرب ممن عرفوا اسم الإمارات من خلالها؛ وبقيت بذلك إحدى أدوات السياسة الناعمة للدولة رغم تراجع دور النشر الورقي على مستوى العالم. وفي هذا السياق، أستعيد هنا قصة «صلاح» الشاب اليمني - ذي الثمانية عشر عاماً - الذي أرسل (أربعين درهماً) كان قد ربحها - في طفولته - من خلال مسابقات مختلفة في «ماجد» لكي يحصل على أعداد تنقصه من مجلة ناشيونال جيوغرافيك العربية، قائلاً في رسالته: إنها كل ما يملك! والحقيقة أن صلاح كان يملك ما هو أثمن من ذاك المبلغ؛ فقد امتلك حباً للقراءة وشغفاً بالمعرفة وولعاً بالاطلاع وإصراراً على متابعة كل ما هو مفيد ومثير، وهي مهارات أسهمت مجلة «ماجد» في زرعها فيه، فأصبح على حال كهذا. ولكن كيف سيحدث ذلك مع جيل الصغار الجديد!
«ماجد 2020» بحلتها الجديدة تواجه الآن هذا التحدي بكل براعة وبدعم لا محدود من القيادة، وعبر فريقها من الشباب شديد الحماس سيعبرون بمجلة «ماجد» بكل إرثها العريق، وبأدوات جديدة مختلفة إلى شط جديد، لعله المنفذ الأخير لإنقاذ شغف صغارنا بالقراءة.