السكري، مرض الأرقام الفلكية، والآلام المؤذية، يصيب الملايين من بني البشر في القارات الخمس، حيث بلغ عدد المصابين بهذا المرض 347 مليوناً، وللصين والهند نصيب الأسد من هذا المرض، حيث عدد المرضى 138 مليون شخص، وتأتي الولايات المتحدة وروسيا في المركزين الثالث والرابع، وبلغ عدد المصابين في هذين البلدين حوالي 36 مليون شخص. وتخسر البشرية في كل سنة ثلاثة ملايين شخص يقعون تحت طائلة هذا المرض الخطير. المرض المخاتل المتحايل يتسرب سهواً إلى أجساد البشر، وهم في وضع الغفلة من زمانهم ومكانهم، وحالتهم ونفسيتهم، مرض يتسلل خفية، والناس جلوس، يقضمون ويهضمون، ويلعقون مسترخين جلوساً أمام الشاشات الملتهبة، وهذا المرض يكمن في النسيج ويخزن خطورته في الشرايين والأوردة، وتحت الجلد وفوقه حتى يصل إلى الأماكن ذات القيمة في حياة الإنسان، فيعذب القلب والكلى والعين، وأعضاء جسدية أخرى معرضة لغزوه الغاشم والآثم.
ودراسة طبية تحذر وتنذر وترفع درجة الخطر من هذا المرض، وتؤكد أن الغذاء وعادات غريبة عجيبة طرأت على حياة الإنسان باتت السبب الأساسي في تسهيل استيلاء مرض السكري على جسد الإنسان. فطعام اليوم غني بالنشويات والسكريات، وهذا ما يحتاج من الإنسان أن يتحرك، وأن يحرق، وأن يتخلص من المواد السكرية التي لا يحتاجها جسده، فبقاؤها طامة كبرى، تهشم وتهدم، وتحرم الإنسان من العيش حياة طبيعية، فالذين يأكلون كثيراً يحرمون أنفسهم من أقل القليل من الطعام، والذين يجلسون كثيراً من دون حراك يجدون أنفسهم مضطرين للحركة الإجبارية بعد الإصابة، حتى وإن بلغ بهم العمر، عتياً أو إصابتهم بمرض المفاصل، إضافة إلى مرضهم الخطير.
الطعام في حد ذاته يعني السبب في الإصابة بمرض السكري، خاصة أن الحركة أصبحت صعبة وتكاد ممنوعة في عصرنا الحالي، لما أصاب الإنسان من كسل وترهل، وإحساس بعدم القدرة على الحركة ولو لأمتار. الأولون لم يحرموا أنفسهم من الطعام، بل أكلوا كل ما يدب وكل ما يخب، وحتى خشاش الأرض، لكنهم كانوا يقطعون المسافات الطويلة مشياً على الأقدام، ويواجهون الحياة بأجساد نحيلة وصلبة، فكانت الصحراء مجالهم في الزراعة والرعي، والبحر ميدانهم في الصيد والغوص، ومن لا يتحرك لا يجد لقمة عيشه، أما وقد أنعم الله علينا بنعمه ورحمنا من الشقاء وشظف العيش، فكان لا بد من الاستفادة من النعم في تحريك الدماء في الجسم برياضات وأنشطة تثري الأبدان بالقوة والعافية، وتمنع عنها هذا المرض البغيض، العنيد. حركة الجسد مرتبطة ارتباطاً فعلياً بحركة الكواكب والنجوم، مرتبطة بدورة الأرض وأعضاء الجسد من الحركة، هي محاولة من الإنسان في عصيان حركة الكون لاكتساب مهارة الجلوس التي هي بدعة عصرية، جاءت بها التكنولوجيا، فاستولت على عاداتنا الصحية، وجعلتنا أسرى أمراض كان بالإمكان الانتصار عليها لو تخلينا عن الكسل.


marafea@emi.ae