أعتقد بعد فوز محمد مرسي بكرسي الرئاسة في مصر، أن الكثير من الرجال سيحزمون حقائبهم، ويحسمون أمورهم ويشدون الرحال إلى مصر، متمنين أن تفي الكاتبة اليمنية رشيدة القيلي بنذرها، وهي التي وعدت بأن تزوج زوجها من امرأة مصرية صالحة، فيما لو فاز مرسي، واليوم قد تأبط الرجل الكرسي ووصل إلى حصن الرئاسة محروساً بفرح مناصريه، ورشيدة واحدة منهم.
نحن شعوب عاطفية، تشدنا العواطف إلى مراحل ما بعد المنطق وما قبل الحقيقة، تسوقنا المشاعر الهشَّة إلى صحارى بعيدة وتدخلنا في أدغال وأوحال، وأهوال، قد لا نحسب لها حساباً، لكننا نتشبث بها وكأنها الحقيقة الدامغة التي لا فرار منها.
رشيدة القيلي محسوبة على الإخوان، ولذلك تمنت من كل قلبها أن يفوز محمد مرسي، دون سواه بالكرسي وأرفقت صدق التمني بالنذر الذي قد يطيح بمطالب فطرتها كامرأة، والمرأة تتمنى الموت ولا تتمنى أن تكون لها ضرّة، تنافسها على الزوج الذي تفكر دائماً في امتلاكه والتخصص في شؤونه العاطفية والاجتماعية، فالمرأة حتى وإن كانت على فراش الموت تبحلق في عين زوجها وتقول في سرها، يا ترى لو مت، فهل سيتزوج هذا البعل ويضيع كل الحب والتفاني والتضحيات التي بذلتها من أجله .. فكل يوم عاشته المرأة مع الرجل حتى وإن كان يوم تنغيص وتنكيد، تعتبره تضحية من أجل حياة زوجية سعيدة.
المرأة بفطرتها لو شمت رائحة انحراف ولو بزاوية ضيقة من قبل الزوج، فإنها تقيم الدنيا ولا تقعدها، ولا نقول هذا الكلام انتقاداً للمرأة، بل هو حق من حقوقها الإنسانية، ولا أحد ينازعها فيه، ولكن ما نريد أن نوضحه هذا الدور التمثيلي الذي تلعبه المشاعر، عندما تخرج من طور العقلنة فتتسرب بعيداً عن ضواحي المنطقة وتجعل صاحبها يبوح بما يمليه عليه منطق العاطفة لا منطق العقل - والمشاعر الإنسانية عندما تتحدى الوعي، وتنحرف عن مساره، فإنها تقوم بدور الأعمى الذي يسير في طريق وعرة بدون دليل، ما يجعله يتغير ويتكسر وقد يخسر حياته .. وشعوبنا العربية، عانت كثيراً من العاطفة الجيّاشة فاتبعت سراباً ظنّت أنه الماء العذب، ولم تكتشف الحقيقة إلا بعد فوات الأوان. حرية الانحياز مكفولة لأي إنسان، بشرط ألا يكون انحيازاً أعمى يؤدي بصاحبه إلى التهلكة، ولا أظن أن السيدة رشيدة ستنفذ ما قالته لو صحت فجراً، على همسات الزوج قائلاً .. يا ترى متى أذهب إلى مصر لأنفذ ما وعدت به؟ أظن أنها سوف تشيح جانباً وتقول له قلت لأنني على ثقة من أنك تحبني ولن تفرط في حبيبتك من أجل أخرى غريبة لا تعرفها .. وبالفعل سوف يغطي الرجل وجهه بالملاءة، ويقول متأففاً .. آه من كيدكن أيتها النساء .. لقد هززت قلبي كما تهز الزلازل الجبال.. وينام المسكين مغبوناً، بينما تستلقي الأخرى جانباً وتقول .. اللهم انصر مرسي .. واهزم عزيمة زوجي .. اللهم انصرني عليه كما نصرت مرسي.

marafea@emi.ae