يبدو أن المقرضين من المستثمرين العالميين متحفظون في التعامل مع دبي، الأمر الذي تدل عليه أسعار الفائدة على آخر شريحتي سندات أصدرتهما حكومة الإمارة. عندما اكتتب المصرف المركزي بنصف إصدار السندات الذي طرحته حكومة دبي في فبراير 2009 بقيمة 20 مليار دولار، تم تحديد فائدة ثابتة بواقع 4% سنوياً لأجل 5 سنوات. ولكن اليوم دفعت دبي 6.7% سنوياً على الشريحة التي تستحق بعد 5 سنوات والبالغة قيمتها 500 مليون دولار، و7.75% على شريحة السنوات العشر البالغة قيمتها 750 مليون دولار. تبدلت الظروف منذ ذلك الحين، نعم، ولكن أن تقفز الأسعار بواقع 270 نقطة أساس وأكثر من ذلك، يعني أن المخاطر المرتبطة بالإصدارات الحكومية لدبي أصبحت أكبر، على الأقل بنظر المستثمر. بالمقابل، لو أردنا المقارنة بأسعار الفائدة على سندات الخزانة الأميركية التي تعتبر خالية من المخاطر، لوجدنا أن الفارق يزيد على 500 نقطة أساس بالمعدل تبعاً لتواريخ الاستحقاق، علماً بأن إصدار دبي يعامل على أنه سيادي، أي قليل المخاطر ومدعوم من الحكومة، حتى لو لم يكن مضموناً. وكذلك، فإن “إعمار العقارية”، التي أعلنت أنها بصدد إصدار سندات بعد ساعات من طرح دبي، حصلت على فائدة قريبة من تلك التي حصلتها دبي من المستثمرين العالميين، بواقع 7.5% لمدة 5 سنوات. إذا كانت الأسواق العالمية تعامل حكومة دبي وإعمار بالمثل، بعيداً عن حسابات المنطق، فلماذا اللجوء إلى الأسواق العالمية في الوقت الذي لا تصل الفائدة على القروض الشخصية محلياً إلى هذه المستويات المرتفعة؟ يدفعنا هذا إلى الحديث من جديد عن أهمية الإسراع بتأسيس سوق محلي للسندات، تكون عوناً للحكومة والشركات القيادية الباحثة عن مصادر تمويل في الخارج، فضلاً عن إمكانية إيجاد سوق مواز للأسهم يسهم في الارتقاء بمستوى الاستثمار وينمي أدواته. كما يجب أن يعاد النظر، حال تأسيس سوق السندات، بمعايير محلية تتحكم بآلية الإصدار والتسعير والملاءة، وحتى التصنيف، بدلاً من الاعتماد على وكالات التصنيف العالمية واتهامها بعدم بالعدالة. السندات بالأصل أداة دين سيادية ولأغراض معينة، ويجب ألا تكون متاحة لمجرد الحاجة إلى السيولة، فهناك قنوات أخرى لتحصيل التمويل تتناسب وحجم كل منشأة، فالهدف هو الحفاظ على استقرار السوق، والإبقاء على نقاء السمعة. baha.haroun@admedia.ae