مدينة لا يتعدى عدد سكانها 25 ألف نسمة، تقدم اليوم نموذجاً مختلفاً ومتفرداً، الأمر لا يتعلق بكرة القدم.. ولا مهارات لاعبين في الملعب، بل هي رسالة عن طريق الرياضة اختارها القادة في هذه المدينة ليظهروا لنا شكلاً مختلفاً لكيفية العمل الناجح بهدوء! فلم نسمع يوماً عن رئيس ناديهم يصرخ في الإعلام، ويشتكي على الحكام واللجان بطريقة غير «لبقة»، ولم نرَ أياً منهم يغرد في «تويتر» بعد أي خسارة، ليتحدث عن المنتج والقيم والمبادئ، بسبب مباراة لم يكن يستحقها أصلاً، ولم نرَ أي إداري منهم يركض أو يقفز بـ «عقاله» في الملعب ويحتج على هذا ويصرخ على ذاك! ولم يظهر مسؤولو هذا النادي يوماً، وهم يبررون الضعف المالي وقلة الميزانية، وغيرهم يصرفون في الموسم الواحد أكثر من 80 مليون درهم ويبكون على قلة الدعم. ولكن السؤال: في ماذا دبا الفجيرة مختلف: ميزانية هذا النادي لم تصل حتى 30 مليون درهم في الموسم الواحد، أي أكثر بقليل من عقد موسمي لأحد لاعبي دورينا، معدل رواتب الفريق تتفاوت من 20 ألفاً حداً أدنى إلى 80 ألف درهم حداً أقصى، هذا النادي لا يملك استاداً أصلاً، ويغادر مدينته متجهاً إلى الفجيرة، قاطعاً مسافة 70 كيلومتراً، أي ما يقارب الساعة بالحافلة، من أجل أن يلعب مباراة محسوبة على أرضه، وهي ليست كذلك! النجاح ليس فقط في المحترفين، فريق الرديف احتل المركز الثالث الموسم الماضي، وفي الملاعب الفرعية بالنادي هناك 4 مراحل سنية، إضافة إلى مدارس الكرة. عشرة لاعبين في فريق دبا، هم فقط محترفون فعليون، أما بقية اللاعبين المحليين، هم أصلاً موظفون وطلاب جامعات يكدحون في الصباح في مختلف مدن الدولة ويتدربون في المساء في مدينتهم. 17 لاعباً من قائمة الفريق الأول، هم من «عيال النادي»، فالفريق «السماوي» ليس «فتات» أندية أو تجميع لاعبين غير مرغوبين، بل هم صناعة كرة قدم حقيقية! مجموع عقود الأجانب الأربعة في النادي لم يتجاوز 1.6 مليون دولار، ولك أن تبحث عن قيمة لاعب أجنبي واحد في بعض فرق دورينا لتعرف الفرق! دبا بهذه الميزانية المحدودة، لم تمر عليه أزمة مالية، وتقوم الإدارة بدفع الرواتب شهرياً وصرف المكافآت أسبوعياً أولاً بأول من دون تأخير، وابحثوا في اتحاد الكرة ولجانه عن شكوى واحدة أو مشكلة بسيطة وقعت بين النادي ولاعبيه، وأتحدى أن تجدوا.. فعندما تكون محترفاً في عملك وراقياً في تعاملك ستجبر الكل على احترامك! كلمة أخيرة دبا الفجيرة ليس نموذجاً كروياً فقط.. بل هو كيان عائلي يستحق أن يُدّرس!