عندما بدأ سالم الحتاوي الدخول إلى الكتابة المسرحية، كان يقدم الحكايات الشعبية التي يستمع إليها من الكبار في جمعية الفنون الشعبية. كان كثير التردد على تلك الجمعية التي يجتمع فيها المتقاعدون من البحارة وأصحاب المهن الشعبية المختلفة، حيث لا تبعد جمعية الفنون عن مسكن ذلك الشاب الذي أخذ يستمع بإنصات إلى الحكايات العجيبة والعديدة، والمواقف الكثيرة التي جاء بها البحارة عبر رحلاتهم إلى الهند وأفريقيا والموانئ البعيدة على امتداد ساحل عُمان والخليج العربي. كان يختزن تلك القصص والمواقف الصعبة والشعبية المختلفة، بالإضافة إلى أن تلك الجمعية الشعبية هي أم الفنون والتراث الغنائي القديم في الإمارات، ووجود جمعية الفنون الشعبية في منطقة السطوة بدبي التي كان يقطنها سالم الحتاوي، والتي تردد عليها منذ أن كان صغيراً حتى كبرت الحكايات لديه، لتأتي فيما بعد على شكل مسرحيات ذات طابع شعبي وتراثي، وإن ظهرت لديه فيما بعد بعض المسرحيات الاجتماعية التي يستمد أحداثها من الحراك الاجتماعي، والأحداث والمواقف الجديدة المتباينة مع القديم من الحكايات التي اختزنها سالم الحتاوي. ومن الأعمال الجميلة التي قدمها سالم الحتاوي وحاورته يوماً فيها بعد العرض، مسرحية “عرج السواحل”، حيث وجدت سالم يركز على المفاصل القديمة والتاريخية دون الإسقاط المطلوب بالنسبة إليّ على مجالات حاضرة وهي تكاد تتشابه مع ذلك الماضي. إلا أن سالم الحتاوي لا يؤمن بالأيديولوجيا التي طرحتها عليه ذلك الوقت ولا يحب اللعب على الجانب السياسي. فقد أكد أن الحكاية الشعبية والأحداث التي جاءت في تلك المسرحية يجب أن تكون كما كانت وقدمت. احترمت منظوره الخاص للأمور واختياراته الشعبية فقط، وعدم توظيف العمل المسرحي في رؤية غير التي تسير عليها حسبما يعتقد. وهذا الاتجاه والطريق الذي سار عليه الحتاوي أنتج العديد من المسرحيات الشعبية، فهو مهادن في الطرح دائماً وشعبي جداً في منظوره للأعمال الفنية. وعندما أقارن الأعمال التي قدمها المرحوم سالم الحتاوي والتي تتناول أعمالاً شعبية قديمة ذات دلالات يمكن توظيفها لخدمة الحاضر ومشاغبة الواقع بمرارة الأحداث. فإن هناك فناناً جميلاً يقترب من بعض أعمال الحتاوي، ولكن صاحب رؤية وأيديولوجيا جميلة، حيث تخرج من مشاهدة أعماله بقراءات للواقع أكثر فهماً وتعرية للذي يدور خلف الستارة أو الأبواب المغلقة، بل يشعرك بأنه صاحب موقف مختلف في معالجة القضايا الاجتماعية، إنه الفنان المسرحي إسماعيل عبدالله. ولكن يظل المرحوم سالم الحتاوي صاحب ثراء وإنتاج كبير ومتعدد في الكتابة للمسرح، وكان يعول عليه بإنتاج غزير لمسرح الإمارات، ولكن رحيله كان خسارة للمسرح. Ibrahim_Mubarak@hotmail.com