للعين لون وأثمد العين هذا الرابض عند شفاه التاريخ المتحدر من جذور الجغرافيا الممهدة بأسطورة الذين أنجزوا والذين تماهوا مع الصحراء شموخاً، ومع الجبال رسوخاً ومع عيون الماء صفاء وبهاء وسخاء.
للعين نظرة، وأولى النظرات حفيت الذي اعتلى جذر التاريخ لكي لا يطوي سجل الإرث الجميل الأصيل ثم وقف في العليا يطل على مدينته يعانق اخضرارها بشغف المحبين ولهف العاشقين، ثم يطلق صرير الصخور المبتهلة خشوعاً وينوعاً، مستدعياً مفردات من قصائد الرجل الفذ معترفاً له بكل ضراعة أنه المثال والقدوة وأنه الاسم الذي أسس للتاريخ معنى وجعل للمكان أنشودة ترددها حناجر المنشدات السابحات في فضاء الحلم الجاريات عند أغصان الروح بحثاً عن بريق يبلل الريق ويذهب الحريق.
للعين سطوة العشاق وومضة الأحداق، حين يتحدث التاريخ عن مآثر ومشاعر تجذَّرت هنا وتفرعت وأينعت وتنوعت ومدت الأفق بألوان الوجوه التي تلظت وتشظت محتدمة لأجل أن تروى بالعرق حبات الرمل متهجية التضاريس بنشوة العاشقين المنتمين بمشاعر البديهة والفطرة إلى أرض جيء بها وبامتياز لأجل الناس الأوفياء.
للعين نخوة التراث الإنساني بأفلاجها وأفيائها وحصونها وأبراجها، ما يجعل المنتمين إلى الحلم الإنساني يفترشون لها حرير الاحتفاء ويضعونها في قائمة المخلدين المؤزرين بالأصالة والتميز.
للعين صبوة الأمكنة التي تضع التاريخ بين الرمش والرمش وتمضي في الوجود بخلود الناهلين من حضارات وثقافات القابضين على جمرات العشق الأبدي لتراث من شيدوا وكافحوا ونافحوا السحاب في نثه وعليائه، والذين تسوروا بالعزيمة والنفوس الحليمة ونقشوا على التراب حكاية البداية، وكيف كان الإنسان حتى ليصير اليوم علماً ينحني له الأشهاد.
للعين من شواهد التاريخ ما يجعلها جديرة بالاهتمام والانسجام مع ثقافة الآخر الذي لا يقدر إلا الحالمين بفضاء إنساني لا تحده حدود ولا تصده صدود، ولا ترده ردود، فضاء الناس جميعاً يجمعهم الحب، ويدفعهم لصناعة المجد والتخلص من الانكفاء والانطواء والانزواء.
للعين ما شع على جبين هذا الوطن، من بريق أنيق رشيق، وما أهداه اللجين من نور لوجوه الذين يكسبون الوطن مجده ويهدون المواطن رغده، ويحفظون الود ما بين ماض أغدق وحاضر حدق، ومستقبل أشرق وجيل يضعون على أكتافه مسؤولية صون الحياض وري الرياض، والدفع بالوطن ومنجزاته نحو التقدم والازدهار والإبهار.
للعين في الجيولوجيا أثر وفي التاريخ خبر وفي الجغرافيا سيرة وفي قلوب العالم صور وفي الذاكرة أشياء من أمر مستقر.. للعين حق مكتسب أن تكون جزءاً مهماً من التراث الإنساني الذي يحفظ ويحتفي به ويعتني به لأنها العين التي أطلت على مدارات وتغيرات وتطورات على مدى التاريخ.


marafea@emi.ae