المشاريع النوعية تحتاج إلى قدرات نوعية، والمنجزات الاستثنائية تحتاج إلى طاقات إبداعية فريدة، وعتيدة، وهذا ما يريده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله. المرحلة لا تحتمل أنصاف الحلول ولا أشباه الإرادات، ولا أرباع العقول، إنها مرحلة فيها الضعيف يسقط، والقوي يصعد ولا مكان للمرتجفين، ولا الخائفين، ولا المنتظرين من السماء أن تمطر ذهباً.
المشاريع النوعية تحتاج إلى قلوب من عشبة الصحراء، تتحمل اللظى، وتكابد الشظف، بصرامة الكائنات الأسطورية. وهكذا يقول لنا سموه، فالجمرة التي تحرق الجسد، هي التي تذيب الحديد ليصبح سلاحاً لمواجهة الضواري.
والموجة التي تغرق المراكب، هي نفسها الموجة التي تنظف السواحل من النفايات التاريخية، والشوكة التي تدمي الأصبع هي التي تحفظ الشجرة من طغيان آكلات العشب، لتصبح بعد ذلك الظل الذي نستظل به.
هكذا هي الحياة، تدعونا بفخر إلى دخول النهر، وليس إلى الوقوف عند ضفافه، لنتذوق العذوبة، ونروي الأشجار، لتصبح سامقة، باسقة.
هكذا هي الحياة تدفعنا بقوة الوعي إلى اكتشاف قدراتنا عبر الولوج في المعمعة، ولا نرتخي ولا نتكئ على صخيرات التشاؤم ونقول بعد ذلك، إننا لا نستطيع القيام بهذا العمل، لأننا لا نملك القدرة على تحقيق شروطه.
هكذا هي الحياة تضعنا أمام رهان المبادرة، والمثابرة، والمجازفة وألا تتوقف الطموحات، طالما في الصدر قلب ينبض، وفي الجسد روح تدوزن أحلام بقائها من دون أن تقول ماذا سيكون عليه المصير.
تقول «الغيتا» الهندية، الحياة رحلة طويلة، وعلينا أن نقطعها من دون توقف، بشرط ألا نحطم الشجيرات التي تعترض طريقنا، بل نتحول نحن عنها، وتستمر الرحلة، بسلام، وتنمو الأشجار من دون حطام. نحن بحاجة إلى هذه الرؤية، ونحن بحاجة إلى قطع الرحلة، محملين بالفرح، ممتلئين بالتفاؤل لأنه ما من رحلة تقطع، وفي نفوس ركبانها الأمل، إلا وتصبح النهاية مثل البحر الذي في أعماقه الدر.
ما يطرحه سموه، يحتاج إلى تأمل، ويحتاج إلى تزمل بمعرفة ما للإرادة من سحر في إخضاع كل العقبات، وإزالة العراقيل، ومحو آثار الصعاب، ما يقدمه سموه يضع الجميع أمام الخطوة الأولى الجريئة، والنتائج المفرحة، فلنبدأ، ولتتحرك العجلة، حيث الوطن بانتظار المزيد من السواعد التي تأخذه إلى أجمل الفضاءات، وأوسعها وأرحبها، وأصخبها، وأخصبها.