الفروق شاسعة بين إدارات الأندية الأوروبية وإدارات أنديتنا، هم لا يجيدون التعامل مع نجومهم كما نفعل، لا يدركون أهمية تدليلهم، وتفصيل قوانين مختلفة للمميزين منهم، لا يجب أن يكون كل اللاعبين سواسية، وليس من الضرورة تطبيق مبدأ العلانية في العقوبة بحجة الشفافية، ولا يجوز أن نقسو على لاعبينا ونصدر لهم الإحباط، حتى لو كان بذريعة الحفاظ على النظام وفرض الانضباط.
فقد اتخذت إدارة نادي بوروسيا دورتموند عقوبة بحق نجمها الإنجليزي سانشو، وهي عبارة عن غرامة مالية بقيمة 100 ألف يورو، كما تم استبعاده من قائمة الفريق في مباراته المهمة والمصيرية أمام المتصدر بوروسيا مونشنجلادباخ، ضمن مباريات الجولة الثامنة في «البوندسليجا».
هؤلاء الألمان يبالغون كثيراً في ردات أفعالهم، فلم أفهم ماذا كان يعني ميشيل زورك، المدير الرياضي لدورتموند، عندما قال تعليقاً على العقوبة المتخذة بأن: «سانشو لا يزال صغيراً، وهو في مرحلة التعلم، لكن يتوجب علينا وضع قواعد وحدود في التعامل»، كما لا يمكن تفسير كلام السويسري لوسيان فافر، المدير الفني لدورتموند، في أعقاب الفوز على مونشنجلادباخ عن سؤاله عن غياب سانشو، فقال: «غيابه جاء لأسباب انضباطية».
لم يتم ضبطه هارباً من المعسكر بلا إذن، لم يعثروا عليه في مقهى وهو يدخن «الشيشة»، لم ينتشر له فيديو وهو يرقص والسيجارة في فمه، لم يغادر معسكر الفندق، ويقضي الليلة في فندق آخر، أو ذهب إلى الحلاق من دون إذن من الإدارة، لم يترك المعسكر وتتم مشاهدته في مكان عام مع «أعز أصدقائه»، كل ما فعله أنه تأخر عن الالتحاق بالفريق، بعد فراغ مشاركته مع منتخب بلاده في تصفيات كأس أمم أوروبا، ولم يحضر في الموعد المحدد، فما أقسى إدارة دورتموند.
صحيح أن بوروسيا دورتموند فاز في الملعب على المتصدر، بعد أن انتصر خارجه للمبادئ والقيم، ولكن ليس هذا المهم، فلو كانت إحدى إدارات أنديتنا الحكيمة مكان إدارة الفريق الألماني، لكانت تعاملت مع الأمر بشكل مختلف، ولتغاضت عن الخطأ مهما كان حجمه، ولأنكرت أي مخالفة ارتكبها اللاعب، من أجل تبرئة اسمه، كانت ستخفي الخبر عن الجمهور ووسائل الإعلام، كانت ستشرك اللاعب المخالف وستخسر في الملعب، ولكن من يكترث يكفي أن النجم المدلل لم يغضب، كانت ستحل المشكلة داخل الغرف المغلقة، وستتعامل معها بالحكمة والحنكة والخبرة، فالحلم من شيم الكرام والعفو عند المقدرة، وسيتم إغلاق الملف بسرعة وبسرية شديدة، وبأقصى درجات الكتمان، هذا هو الدهاء الإداري، فهل يتعلم الألمان؟